بوابة بالعربي الإخبارية

التنين الصيني يتراجع.. والنمر الهندي يزأر في سوق الهواتف الذكية

الأربعاء 30 يوليو 2025 10:20 صـ 4 صفر 1447 هـ
سوق الهواتف الذكية
سوق الهواتف الذكية

في تحول جوهري يعكس تغيرات كبرى في خريطة سلاسل الإمداد العالمية، أصبحت الهند لأول مرة المصدر الرئيسي للهواتف الذكية المباعة في الولايات المتحدة، متفوقة بذلك على الصين، التي لطالما هيمنت على هذا القطاع لعقود.

ووفقًا لتقرير نشرته وكالة "بلومبيرج"، جاء هذا الإنجاز بعد أن كثفت شركة "أبل" الأمريكية من عمليات تجميع هواتف آيفون داخل الأراضي الهندية، في خطوة تُعد جزءًا من استراتيجية أوسع لنقل التصنيع خارج الصين لتقليل المخاطر الجيوسياسية والجمركية.

الهند تهيمن على صادرات الهواتف إلى أمريكا


أظهر التقرير أن الهند استحوذت خلال الربع المنتهي في يونيو 2025 على نحو 44% من صادرات الهواتف الذكية إلى الولايات المتحدة، مقارنة بـ 25% فقط لصالح الصين، التي كانت تسيطر سابقًا على أكثر من 60% من الحصة السوقية. كما جاءت فيتنام في المرتبة الثانية كمركز رئيسي لإنتاج الهواتف، خاصة من قبل شركة "سامسونج".

ويعد هذا التحول التاريخي انعكاسًا مباشرًا لتوجه شركات التكنولوجيا الكبرى، وعلى رأسها "أبل"، نحو تنويع مصادر الإنتاج والاعتماد على أسواق بديلة أكثر استقرارًا وتكلفة أقل.

أبل تنقل التصنيع تدريجيًا من الصين إلى الهند


شهدت السنوات الأخيرة محاولات متسارعة من "أبل" لنقل أجزاء من سلسلة توريدها خارج الصين، خاصة بعد تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، والضغوط الأمريكية المتزايدة لتقليل الاعتماد على الصين كمركز إنتاج رئيسي.

ويُعد قرار "أبل" بتوسيع عملياتها في الهند أحد أبرز هذه التحولات، حيث بدأت الشركة في تجميع عدد من طرازات آيفون الجديدة داخل مصانع تقع بولايات مثل تاميل نادو ومهاراشترا.

وقد أثار هذا التوجه غضب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي لطالما طالب "أبل" بإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة. إلا أن الشركة ما زالت ترى في الهند خيارًا استراتيجيًا من حيث التكلفة والبنية التحتية والنمو السكاني والتكنولوجي.

إنتاج الهواتف في الهند يتضاعف ثلاث مرات


تشير بيانات التقرير إلى أن إنتاج الهواتف الذكية داخل الهند تضاعف بأكثر من ثلاث مرات خلال الربع الأخير مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ويعكس هذا النمو المتسارع قدرة الهند على استيعاب التوسعات الضخمة في مجال الإلكترونيات والتصنيع عالي التقنية، مما يجعلها مرشحة بقوة لتكون "مصنع العالم" الجديد.

شحنات آيفون تتراجع رغم ارتفاع الإنتاج


ورغم النمو الكبير في الإنتاج الهندي، تراجعت شحنات "آيفون" إلى الولايات المتحدة خلال الربع نفسه بنسبة 11%. ويُعزى هذا التراجع إلى تغيير في استراتيجية الشحن لدى "أبل"، حيث قامت بشحن كميات كبيرة في وقت مبكر من العام الحالي لتكوين مخزون استراتيجي تحسبًا لأي رسوم جمركية طارئة أو تأخيرات محتملة في سلاسل التوريد.

الصين لا تزال مركز إنتاج آيفون الرئيسي


ورغم هذا التحول التدريجي، لا تزال الصين تحتفظ بمكانة محورية في إنتاج هواتف "آيفون"، حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 90% من وحدات الآيفون تُصنع داخل المصانع الصينية، خاصة في مقاطعات مثل شنجن وجيانغسو.

كما تجدر الإشارة إلى أن "أبل" لا تقوم حاليًا بإنتاج أي من هواتفها داخل الأراضي الأمريكية، رغم تعهدها بضخ استثمارات تصل إلى 500 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة بهدف تعزيز سلاسل التوريد وتوفير فرص عمل داخل الولايات المتحدة.

آيفون.. منتج أمريكي بصناعة عالمية


تُباع أكثر من 220 مليون وحدة آيفون سنويًا حول العالم، ويُقدر أن نحو 60 مليون وحدة منها تُباع داخل الولايات المتحدة وحدها. ورغم أن الهاتف يُسوق دائمًا باعتباره منتجًا أمريكيًا "صُمم في كاليفورنيا"، إلا أن الواقع يشير إلى أن الجزء الأكبر من عملية التصنيع يتم خارج أمريكا، ما يثير جدلًا متجددًا حول مفهوم "صنع في أمريكا" في عصر العولمة.