العملات المشفرة تتراجع مع بداية أغسطس تحت ضغط الرسوم الجمركية الأمريكية
شهدت سوق العملات المشفرة حالة من التذبذب في مستهل شهر أغسطس، على وقع قرارات اقتصادية أميركية مثيرة للجدل، أبرزها فرض رسوم جمركية جديدة أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما أثار موجة من العزوف عن المخاطرة لدى المستثمرين.
وتراجعت عملة البيتكوين للجلسة الخامسة على التوالي، مسجلة أدنى مستوياتها في ثلاثة أسابيع، حيث انخفضت بنسبة 3% لتبلغ نحو 113,818 دولاراً. ويأتي هذا التراجع بعد أسابيع قليلة من تسجيلها أعلى مستوى قياسي لها عند 123,200 دولار في 14 يوليو، عقب توقيع أول قانون تنظيمي شامل للعملات الرقمية في الولايات المتحدة.
وشهدت الإيثريوم انخفاضاً حاداً بنسبة 5.43% لتصل إلى 3543 دولاراً، في ظل حركة تصحيح واسعة طالت معظم الأصول الرقمية الكبرى، بالتزامن مع تجاوز القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة حاجز 4 تريليونات دولار للمرة الأولى في يوليو.
كما تراجع رمز سولانا بنسبة 6%، فيما سادت موجة من التصفية في المراكز الطويلة داخل السوق، أجبرت المستثمرين على بيع أصولهم بأسعار السوق لسداد التزاماتهم، مما زاد من الضغط البيعي على الأسعار.
وبحسب بيانات منصة CoinGlass، فقد سجلت عملة البيتكوين تصفيات بقيمة 228 مليون دولار خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بينما تجاوزت تصفيات الإيثريوم 262 مليون دولار.
تراجع في أسهم الكريبتو
تأثرت أسواق الأسهم المرتبطة بالعملات المشفرة أيضًا بالتراجعات الأخيرة. وتصدرت شركة Coinbase قائمة الأسهم المتراجعة، بهبوط بلغ 16% عقب صدور تقرير أرباح الربع الثاني الذي جاء دون التوقعات. كما انخفض سهم Circle بنسبة 8.4%، وخسرت Galaxy Digital نحو 5.4%، بينما تراجعت Bitmine Immersion، المتخصصة في إدارة خزينة الإيثريوم، بنسبة 7.4%. وشهد سهم MicroStrategy، المعروف بكونه أحد أكبر حاملي البيتكوين، انخفاضاً بنسبة 8.7%.
تصريحات رسمية وتفاؤل حكومي
وفي ظل التراجع، حاولت الإدارة الأميركية بعث رسائل طمأنة إلى السوق. وقال وزير الخزانة الأميركي عبر منصة "إكس" إن البلاد دخلت ما وصفه بـ"العصر الذهبي للعملات المشفرة"، مشيرًا إلى دعم القيادة الأميركية للابتكار في تقنيات البلوك تشين والمدفوعات الرقمية، داعيًا المستثمرين إلى تأسيس أعمالهم وبروتوكولاتهم في الولايات المتحدة.
تقييمات السوق وتوقعات المرحلة المقبلة
رأى محللون أن ما تشهده السوق هو تباطؤ طبيعي بعد موجة الارتفاع القوية في يوليو. وقال بن كورلاند، الرئيس التنفيذي لمنصة أبحاث العملات الرقمية DYOR، إن "الأسواق لا تتفاعل مع أزمة، بل تستجيب لغياب المحفزات الجديدة"، مشيرًا إلى أن هذا التباطؤ يُعد استراحة استراتيجية بعد المكاسب القوية الأخيرة.
تدفقات نقدية واختلاف في التوجهات
على الرغم من التراجع في الأسعار، استمرت التدفقات الاستثمارية في صناديق العملات الرقمية خلال يوليو. فقد سجلت صناديق الإيثريوم المتداولة تدفقات داخلية فاقت 5 مليارات دولار خلال الشهر، مع استثناء يوم واحد فقط شهد تدفقات خارجة بنحو 1.8 مليون دولار في 2 يوليو.
في المقابل، سجلت صناديق البيتكوين تدفقات خارجة بقيمة 114 مليون دولار في آخر جلسات يوليو، رغم أن إجمالي التدفقات الداخلة منذ بداية الشهر بلغ نحو 6 مليارات دولار، ضمن إجمالي تراكمي تجاوز 55 مليار دولار.
اتجاهات السوق في أغسطس
يشير محللون إلى أن شهر أغسطس تاريخيًا يتميز بانخفاض أحجام التداول وزيادة معدلات التقلب، ما قد يعزز من احتمالات استمرار التذبذب في الأسعار، خاصة في ظل تصاعد الضبابية الاقتصادية على المستوى العالمي، وتحولات السياسة التجارية الأميركية.
ويترقب المستثمرون المستجدات التنظيمية والاقتصادية خلال الأسابيع المقبلة، لتحديد ما إذا كانت هذه التراجعات بداية لتصحيح أوسع، أم مجرد توقف مؤقت في مسار الصعود الذي بدأ منذ مطلع العام الجاري.