لاري إليسون: قصة صعود استثنائية من الصفر إلى قمة الأثرياء

لم تكن قصة صعود لاري إليسون إلى قمة أغنى رجال العالم مجرد ضربة حظ، بل كانت نتيجة رحلة طويلة تميزت بقرارات جريئة وذكاء استراتيجي لا مثيل له. فمن بداياته القاسية كطفل وُلد في نيويورك وتبنّته عائلة متواضعة في شيكاغو، كانت تلك القسوة هي الوقود الذي أشعل فيه رغبة لا تنطفئ في النجاح. ترك الجامعة مرتين، مقتنعًا بأن الخبرة العملية والتعلم الذاتي أهم بكثير من الشهادات الأكاديمية، مما عكس شخصيته المتمردة التي لم تؤمن بالمسارات التقليدية.
الرؤية الثورية: تأسيس إمبراطورية أوراكل
في عام 1977، وبينما كان عالم التكنولوجيا ما يزال في مهده، أسس إليسون شركة أوراكل مع صديقين. لم يركزوا على البرامج الاستهلاكية، بل على قواعد البيانات (Databases)، وهو مجال لم يدرك أحد آنذاك أنه سيكون العمود الفقري للعصر الرقمي. كانت رؤيته تتمثل في ربط حاجة الحكومات والشركات العملاقة إلى إدارة كميات ضخمة من البيانات بمنتج تقني قابل للتوسع. كانت تلك هي اللبنة الأولى لإمبراطورية تكنولوجية ستقود قطاع الأعمال لعقود.
شراسة في السوق: الاستحواذات التي غيرت اللعبة
خلال التسعينيات، أصبحت أوراكل ثاني أكبر شركة برمجيات في العالم، ليصبح إليسون أحد المليارديرات الجدد. ما ميزه في تلك الفترة لم يكن فقط الذكاء التقني، بل شراسته وعدوانيته في الصفقات والمبيعات.
كان قادرًا على التفوق على منافسين قد يكونون "أكثر ذكاءً تقنيًا" لكنهم أقل حسمًا في السوق. ومع بداية الألفية، عندما واجهت أوراكل خطر التراجع أمام عمالقة الإنترنت مثل جوجل ومايكروسوفت، لم ينهار إليسون. بدلاً من ذلك، قاد حملة استحواذات ضخمة على شركات مثل PeopleSoft و Sun Microsystems، مما مكنه من دخول مجال الحوسبة السحابية (Cloud) بقوة، وهو القرار الذي أبقى أوراكل في قمة المنافسة.
الرؤية المستقبلية: الاستثمار في تيسلا والذكاء الاصطناعي
لم تقتصر رؤية إليسون على مجال عمله فقط. في وقت كان فيه الكثيرون يسخرون من إيلون ماسك ومشروع تيسلا، استثمر إليسون مبكرًا في الشركة، فرأى ما لم يره الآخرون وتنبأ بمستقبل السيارات الكهربائية. هذا الاستثمار الجريء ضاعف من ثروته بشكل كبير لاحقًا. ومع بزوغ فجر الذكاء الاصطناعي (AI) في العقد الأخير، استفادت أوراكل بشكل هائل من الطلب المتزايد على خدمات الحوسبة السحابية التي تدعم هذه التقنيات.
وبفضل هذه الموجة، ارتفعت أسهم الشركة بشكل قياسي، مما أضاف مئات المليارات من الدولارات إلى قيمتها السوقية.
القمة: أغنى رجل في العالم
بفضل صعود أوراكل واستثماراته الذكية في تيسلا، تجاوزت ثروة لاري إليسون لفترة وجيزة ثروات كل من بيل غيتس ووارن بافيت، بل وحتى إيلون ماسك. ووصل صافي ثروته إلى ما يزيد عن 150 مليار دولار، ليصبح أغنى رجل في العالم ولو لبرهة قصيرة.
قصة إليسون ليست مجرد قصة نجاح مالي، بل هي دليل على أن النجاح الحقيقي يأتي من الجوع للتعلم، وكسر القواعد، والاستثمار في المستقبل قبل أن يراه الآخرون.