بوابة بالعربي

رضا طاهر الفقي يكتب عن شبح الظلام: الوجه الآخر لبنيامين نتنياهو.. قصة لم تروَ

الثلاثاء 24 يونيو 2025 12:49 مـ 27 ذو الحجة 1446 هـ
بقلم/ رضا طاهر الفقي
بقلم/ رضا طاهر الفقي

ذلك الشبح الأسود يتسلل مثل مصاص دماء ليغزو شاشة التلفاز. كلما أمعنت النظر إليه، وجدته شبيهًا بهم، وجهه شاحب كملك الموت، ذو عينين غائرتين تملؤهما الأكاذيب المغلفة بالقسوة والخداع، تلقي بظلها على ماضٍ كمستنقع من الخيبات ليس به طوق نجاة. كلما أطل علينا، رأينا كيف ارتسمت تلك النكبات على جبينه وكيف أثقلت ظهره فألقاها علينا دماءً، فصرخات الأطفال الخدج وصلت لعنان السماء، لا ذنب لهم أو لنا سوى أن القدر ألقى بذلك المسخ بنيامين نتنياهو في زمان تواجدنا فيه مرغمين. ذلك البولندي الأمريكي الحائر المحيّر مثل والده صهيون مايلكوسيكي، والذي كان من كبار مساعدي الصهيوني المتطرف زئيف جابوتنسكي الذي كان يرى أن التاريخ لا تصنعه إلا الأحذية الثقيلة، وكان الصوت البكر للصهيونية ودعا إلى تهجير الفلسطينيين لتبقى الدولة اليهودية نقية.

وقد قام نتنياهو بتغيير اسمه البولندي إلى الاسم الحالي. الأب كان محبطًا من عدم الاندماج في المجتمع الذي عاش فيه كمؤرخ، وكان يريد عملًا يشبع فيه طاقاته على حد تعبيره. هل لأنه كان يكتب التاريخ اليهودي ويعرف كم الأكاذيب الملفقة؟ وقد تم رفضه من قبل الجامعة العبرية في القدس فلم يستطع التدريس فيها، مما زاد سخطه، فقد كان يدرس في جامعة كورنيل. فأصبح كارهًا لكل النخب في المجتمع الإسرائيلي وخاصة حزب العمل، وأسقط سخطه على أبنائه فزرع في عقولهم أن الدنيا صراع مستمر لا مكان فيه للعاطفة. ولذلك دائمًا ما نجد بنيامين نتنياهو يرى أن غالبية العرب بمن فيهم عرب 48 يشكلون تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، واتسع مضمون هذه الفكرة ليشمل ذلك التهديد كل أركان العالم. وأصبحت تلك الأفكار مضمنة في كل خطاباته وتصريحاته، وهي أفكار مركزية في وعيه مثل الأمن اليهودي مهدد من الجميع سواء من الإرهاب الفلسطيني أو الخطر الإيراني. أصبح في نظره الجميع معادين للسامية.

بعد أن عاد نتنياهو من أمريكا، اشترك وهو ابن الثامنة عشرة في الجيش، وشارك في معركة الكرامة عام 1968، وفي الهجوم على مطار بيروت في السنة نفسها، وفي حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية، بل كاد يموت غرقًا في قناة السويس حيث دمر الجيش المصري القارب الذي كان يتسلل إليه هو ومجموعة من جنود الاحتلال.

الأب كان يريد للأبناء العمل في السلك الدبلوماسي خاصة الخارجية، إلا أن نتنياهو وأخيه الأكبر يوناتان نتنياهو كان كلاهما أكثر تطرفًا ورأى كل منهما تناقض والدهما الذي يعشق إسرائيل بينما يعيش في أمريكا، فرفضا الانخراط في السلك الدبلوماسي وانخرطا في الحلم المتوحش لإسرائيل.

وانتقل نتنياهو إلى مرحلة جديدة من حياته وهي الحياة الزوجية، إلا أنه أخذ شخصيته المخادعة معه التي لا تعرف عاطفة، فعلاقاته مع زوجاته يغلب عليها الكذب والخيانة. فنجد زوجته الأولى مريم ويزمن وهي إسرائيلية المولد إلا أنها قد أكملت دراستها في الولايات المتحدة الأمريكية، ارتبطت بنتنياهو وتزوجا في سبعينات القرن الماضي وأنجبا ابنته عام 1987م.

إلا أنه أثناء حمل الزوجة الأولى تعرف في مكتبة الجامعة على فتاة بريطانية وهي "فلور كيتس" وأقام معها علاقة عاطفية مما دفع الزوجة الأولى لطلب الطلاق، فتزوج نتنياهو عشيقته والتي أعلنت اعتناقها اليهودية إلا أنه طلقها بعد ثلاث سنوات. ثم تعرف على مضيفة طيران اسمها سارة ارتزي التي تزوجها بعد أن حملت منه وأنجب منها ولدين وهي زوجته الحالية المعروفة بسلوكها غير المستقر المتسم بالعنف خاصة أثناء تعاملها مع الخادمات وقد تم مقاضاتها في أكثر من قضية.

أما نتنياهو فيغلب عليه الشعور بعداء الآخرين كما جاء على لسان بعض مستشاريه المحيطين به، فهو شخصية غير عقلانية ومنطوٍ لا يملك الكثير من الأصدقاء المقربين، ومن الصعب أن يثق بأحد حتى زوجته، فهو يمتلك عقدة النقص منذ نعومة أظافره ونتيجة لعدم الشعور بالأمان الشخصي.

ويشير شاؤول كيمحي وهو أحد مستشاريه الذين قضوا حقبة زمنية برفقة نتنياهو ليست بقليلة أنه أثناء عمله معه فترة كان يرتكب أخطاء سخيفة ولا يعبأ بنصائحنا، كما أن ارتباطه بالأفراد مرتبط بالاستفادة القادمة منهم، كما تدل سماته وتاريخه النفسي فهو يميل إلى الكذب والتنصل من أي وعود يقطعها على نفسه، ويرى الخداع أمرًا مقبولًا في السياسة ولا يعرف تأنيب الضمير.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن وجهة نظر الكاتب فقط، ولا تمثل بالضرورة الموقف الرسمي لموقع بالعربي bilarabi.news.