هل انتهت الحرب بين إسرائيل وإيران؟

كان من المتوقع اندلاع حرب بين إسرائيل وإيران، ولكن ليس في وقتٍ كانت فيه المحادثات جارية بين واشنطن وطهران بشأن البرنامج النووي، وبالطبع كان احتمال شن هذا الهجوم في هذا الوقت يهدف إلى الضغط على إيران للموافقة على الشروط الأمريكية.
إسرائيل صرحت بأن أهداف الضربة الجوية التي شُنت على إيران في الفترة من 13 إلى 24 يونيو كانت تأخير برنامجها النووي وتعطيل برنامجها الصاروخي، إلا أن إسرائيل لم تكن تعتقد أن إيران سترد بقوة، ولا يوجد إجماع بين أجهزة الاستخبارات الغربية على أن إيران على وشك الانهيار النووي.
كما يدّعي القادة الإسرائيليون، تشير التقديرات إلى أن القدرات العسكرية الإسرائيلية قد تكون قادرة على تأخير البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط، ما يعني أن قدرات أخرى لا يعلم عنها الأمريكان والإسرائيليون شيئا ربما ظلت في غيب عنهم.
لذلك؛ نرى أن الشرق الأوسط واجه خلال هذه الفترة اضطرابات عسكرية بسبب الحرب التي أثرت على مجالات أخرى كالاقتصاد والتجارة، لدرجة أن المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، والتي تعد الأخطر والأعنف خلال هذا الفترة، كانت ستحدث عاجلاً أم آجلاً، إلا أن الجانبين كانا في حالة توتر وتهديد لبعضهما البعض لسنوات، بالطبع مثّل هذا الوضع فرصة ذهبية لإسرائيل، إذ ضعفت القوى القريبة و المدعومة من إيران في المنطقة وخاصةً تلك القابعة على الحدود معها، وهدّدت الولايات المتحدة الميليشيات المدعومة من إيران في العراق إذا ما دخلت في الصراع، وقد هدّدت الميليشيات بمهاجمة إسرائيل ردًا على أي هجوم على طهران، وكان من المحتمل أن يصبح العراق جزءًا من الحرب لولا التهديد الأمريكي للمليشيات.
بالطبع كانت لهذه الحرب تأثيراتها المباشرة على دول المنطقة مثل تركيا والعراق ودول الخليج التي تحدها إيران، وحتى سوريا والأردن ولبنان، وإلى حد ما مصر التي تحد إسرائيل، وبطبيعة الحال؛ ستُجر الدول المجاورة لإيران إلى الحرب، أولاً لدفاع بعض الدول عن إيران، مثل العراق والذي توجد فيه قواعد عسكرية أمريكية وسيكون هدفا للصواريخ الإيرانية، ودول الخليج حيث توجد أيضاً قواعد أمريكية ومنها ما ضربته طهران في قطر.
وإذا ما تأملنا مواقف القوى الدولية والإقليمية الفاعلة وتأثيرها، لوجدنا أن تركيا مثلت المواجهة بين إسرائيل وإيران مصدر قلق كبير لها، نظرًا لحدودها الطويلة الممتدة مع إيران، وكانت هناك مخاوف من أن تؤدي المواجهة المطولة والواسعة إلى موجة هجرة إيرانية إلى الأراضي التركية، وتعقيد القضية الكردية في تركيا والمنطقة، ومن الواضح أن الحرب بين إيران وإسرائيل تُحدث تضاربًا في المصالح الجيوسياسية لتركيا. وبصفتها عضوًا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تسعى تركيا إلى تطوير علاقاتها مع الغرب، وخاصةً الولايات المتحدة، مع وصول إدارة ترامب إلى السلطة، كما تسعى إلى الحفاظ على علاقاتها ومصالحها مع كلٍّ من روسيا وإيران، والحفاظ على هذا التوازن في إطار التعاون الإقليمي مطلوب لها بشدة، فلا شك أن تفاقم الصراع والاستقطاب في المنطقة بين إيران من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى سيُعقّد عملية التوازن الجيوسياسي لتركيا.
ولو ذهبنا إلى موقفي الصين وروسيا؛ نجد أن بكين امتنعت عن التدخل المباشر في الأزمة، لكنها رأت في التصعيد الإسرائيلي الإيراني فرصةً لتعزيز موقفها التفاوضي بشأن القضايا الاستراتيجية، ومن جانبها، اتخذت موسكو موقفًا أكثر وضوحًا، فحذّر الرئيس فلاديمير بوتين من "كارثة جيوسياسية" ناجمة عن الصراع، وأكد مجددًا دعمه السياسي لإيران، ورفض اغتيال المرشد الأعلى، وشدّد على الشراكة النووية المدنية، وبذلك؛ سعت روسيا إلى الظهور كوسيط محتمل دون خسارة تحالفاتها أو تصعيد التوترات مع الغرب.