بوابة بالعربي

بين الحشيش وترقيع البكارة.. فتاوى مثيرة تضع سعاد صالح في مرمى الانتقادات

السبت 26 يوليو 2025 02:20 مـ 30 محرّم 1447 هـ
سعاد صالح
سعاد صالح

أثارت تصريحات جديدة للدكتورة سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية، وذلك بعد ظهورها في عدة برامج حوارية قدمت خلالها فتاوى وآراء أثارت حفيظة قطاع واسع من الجمهور والمتخصصين في الشأن الديني.

وكان أبرز ما جاء في تصريحات الدكتورة سعاد صالح حديثها عن عدم وجود نص شرعي صريح يُحرّم تعاطي الحشيش، وهو ما جاء خلال ظهورها ببرنامج "السر" مع الإعلامية إيمان أبو طالب، حيث أكدت أن الحشيش لا يأخذ حكم الخمر إلا إذا ثبت أنه يُذهب العقل تمامًا، مشيرة إلى أن "التحريم في الشريعة متعلق بزوال الإدراك الكامل، وإذا لم يحدث ذلك مع الحشيش، فلا يمكن القول بحرمة قاطعة له".

وأضافت: "لا يوجد نص قرآني أو حديث نبوي صريح يحرم الحشيش تحديدًا، لكنه قد يُحرّم قياسًا على الخمر إذا ثبت أنه مسكر"، مؤكدة أن التحريم في هذه الحالة يُبنى على الضرر الفعلي، وليس على الاسم أو النوع.

الأوقاف ترد: الحشيش حرام شرعًا ومخاطره جسيمة


في المقابل، جاء رد وزارة الأوقاف المصرية واضحًا وقويًا عبر بيان نُشر على صفحتها الرسمية، أكدت فيه أن الحشيش محرم شرعًا بكافة أشكاله، نظرًا لما يُسببه من أضرار بالغة على العقل والجسد، فضلًا عن تأثيره السلبي على المجتمع.

وأشارت الوزارة إلى أن الحشيش يسبب الهلاوس ويُضعف الإدراك ويؤثر على الجهاز العصبي، ويؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل تليّف الرئة وضمور خلايا المخ، مستندة في ذلك إلى الآية الكريمة: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}، وإلى الحديث النبوي الشريف: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام".

وأوضحت الأوقاف أن أكثر من 50% من طالبي العلاج من الإدمان، وفقًا لتقارير صندوق مكافحة الإدمان، يتعاطون الحشيش، مما يؤكد خطورته على الصحة والسلامة العامة.

الجدل يتجدد


ولم تقتصر تصريحات د. سعاد صالح المثيرة للجدل على الحشيش فقط، بل أعادت الجدل حول عدة موضوعات فقهية أخرى كانت قد تناولتها في لقاءات إعلامية سابقة.

ففي حلقة من برنامج "أسرار" عام 2024، تحدثت عن جواز رؤية الخاطب لشعر مخطوبته، قائلة: "إذا كانت المرأة منتقبة، من حق الخاطب أن يرى وجهها وشعرها، وهذا رأي أصر عليه"، مستندة إلى قول النبي ﷺ: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما"، مشيرة إلى أن بعض الفقهاء أباحوا النظر لما يظهر من المرأة أثناء قيامها بأعمال المنزل.

وفي عام 2016، وخلال استضافتها في برنامج "هنا العاصمة" مع الإعلامية لميس الحديدي، قالت سعاد صالح إن ترقيع غشاء البكارة للفتيات "حلال" بنية الستر، مؤكدة أنها كانت ترى ذلك محرمًا في البداية، لكنها غيّرت رأيها بعد مناقشات فقهية، لكون التستر على الفتاة في بعض الحالات أولى من الفضيحة، مشبهة ذلك بموقف النبي ﷺ من الرجل الذي اعترف بالزنا وأراد النبي أن يردّه.

وفي حلقة من برنامج "فقه المرأة"، صرّحت سعاد صالح بأن ملك اليمين كان مشروعًا قديمًا قبل الإسلام، مضيفة: "إذا خضنا حربًا وأسرنا نساءً من العدو، فهن يُعتبرن ملك يمين، ويجوز للمسلم الاستمتاع بهن كما يستمتع بزوجته"، وهو تصريح أثار موجة من الاستنكار اعتُبر إساءة لصورة الإسلام وتشجيعًا على مفاهيم غير إنسانية.

مكالمات حميمية لا تُعد زنا


وفي جانب آخر، قالت الدكتورة سعاد صالح إن المحادثات الحميمية بين رجل وامرأة عبر الهاتف لا تُعد زنا شرعيًا، لأن الزنا في الفقه الإسلامي لا يُثبت إلا بأربعة شهود عدول، موضحة أن ما يحدث من ممارسات عن بُعد يدخل في إطار "الخطأ البشري" الذي يستوجب التوبة، لكنه لا يُصنّف ضمن الزنا الموجب للحدود.

ردود غاضبة ودعوات للمساءلة


قوبلت تصريحات الدكتورة سعاد صالح بموجة انتقادات حادة من قبل علماء الدين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا ما جاء على لسانها خروجًا عن منهج الأزهر ومحاولة لتقديم فتاوى "مائعة" تُربك المجتمع وتُزعزع الثوابت الفقهية.

كما طالب عدد من النشطاء بضرورة محاسبة أصحاب الفتاوى المثيرة للجدل، والتي تُروّج لمفاهيم تفتقر إلى التأصيل الشرعي وتُستخدم خارج سياقها، في ظل تصاعد ظاهرة "الفتوى الإعلامية" بعيدًا عن المؤسسات الرسمية.