القروض الاستهلاكية تنتعش في مصر بدعم من تراجع أسعار الفائدة

شهدت القروض الاستهلاكية في مصر انتعاشًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة، مدعومة بتراجع أسعار الفائدة واتجاه البنوك نحو التوسع في هذا النوع من الإقراض لتعويض تراجع العائد على أدوات الدين التقليدية، وذلك في ظل بدء دورة تيسير نقدي يقودها البنك المركزي المصري منذ بداية عام 2025.
وأكد عشرة مصرفيين في بنوك حكومية وخاصة لـ"الشرق" أن انخفاض الفائدة شجع الأفراد على الاقتراض لشراء السلع الاستهلاكية، خاصة السيارات والأجهزة المنزلية والسلع المعمرة.
الفائدة تنخفض لأول مرة منذ سنوات
خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بإجمالي 325 نقطة أساس خلال العام الجاري، وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات ونصف.
ورغم تثبيتها في الاجتماع الأخير، أشار "المركزي" إلى أهمية التريث لتقييم آثار التعديلات الضريبية، وعلى رأسها تعديلات قانون ضريبة القيمة المضافة.
وتسجل حالياً أسعار الفائدة الأساسية 24% للإيداع، و25% للإقراض لليلة واحدة، بينما يبلغ سعر العملية الرئيسية وسعر الائتمان والخصم 24.5%.
القروض الاستهلاكية.. بديل ربحي في مواجهة انخفاض العوائد
قال الرئيس التنفيذي لأحد البنوك الخاصة إن مصرفه يعكف حالياً على التوسع في إقراض الأفراد رغم ارتفاع مخاطر هذا النوع من التمويل، لأنه يحقق هامش ربح أعلى مقارنة بالإقراض التقليدي، خصوصًا أن أسعار الفائدة على قروض الأفراد غالباً ما تكون ثابتة حتى نهاية فترة التمويل.
وأشار إلى أن اتجاه البنك المركزي نحو خفض الفائدة يزيد من جاذبية هذا النوع من القروض ويعزز ربحية البنوك.
1.2 تريليون جنيه قروض تجزئة
بحسب أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري، بلغ إجمالي قروض التجزئة المصرفية نحو 1.2 تريليون جنيه حتى نهاية فبراير 2025، ما يمثل حوالي 13.5% من إجمالي محفظة القروض البالغة 8.786 تريليون جنيه.
وأكد نائب رئيس أحد البنوك الحكومية أن القروض الموجهة للسيارات سجلت أعلى معدلات الطلب، تليها القروض الشخصية، ثم تمويل تشطيبات الوحدات السكنية، والسلع المعمرة، والأثاث.
منافسة بين البنوك على العملاء منخفضي المخاطر
أدت زيادة الطلب على القروض الاستهلاكية إلى دخول بعض البنوك في منافسة على أسعار الفائدة، حيث قدمت عروضًا قريبة من سعر الفائدة الأساسي (كوريدور) لجذب أكبر عدد من المقترضين، خصوصًا الموظفين أصحاب الرواتب المنتظمة، الذين يُنظر إليهم باعتبارهم عملاء منخفضي المخاطر.
ويرى مصرفيون أن البنوك بدأت تميل أكثر نحو التجزئة المصرفية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بعيدًا عن تمركز القروض في قطاعات مثل المقاولات والعقارات، التي تشهد بالفعل توسعًا كبيرًا في التمويل المصرفي خلال الفترة الأخيرة.
إقراض آمن بضمان الراتب
بحسب الخبير المصرفي محمد عبد العال، فإن القروض الاستهلاكية أصبحت أداة رئيسية في محفظة البنوك، بسبب ارتفاع أسعار السلع، ما يدفع العملاء إلى الاقتراض بدلاً من الشراء النقدي.
وأوضح أن الاعتماد على الراتب كضمان رئيسي يجعل القروض الشخصية أقل خطورة نسبيًا.
وأكد أن البنوك تضع حدودًا واضحة للائتمان عند منح القروض، بحيث لا يتجاوز القسط الشهري 50% من دخل العميل لضمان استقرار السداد وتجنب التعثر.