العودة إلى ساحة المنافسة.. صراع آبل وسامسونج يتجدد وسط تحولات بالسوق الأمريكية

بعد أكثر من عقد على تفوق آبل في سباق الهواتف الذكية داخل السوق الأمريكية، عادت المنافسة بينها وبين سامسونج إلى الواجهة مجدداً، في مشهد يُذكّر بسباق عام 2014، عندما أطلقت آبل هاتف "آيفون 6" لأول مرة بشاشة كبيرة رداً على هيمنة سامسونغ في هذا المجال.
واليوم، تدور رحى المنافسة مرة أخرى، وهذه المرة حول الابتكار في تصميم الشاشات، خصوصاً مع تصاعد شعبية الأجهزة القابلة للطي.
أرقام السوق تكشف تغيّراً في الاتجاه
في الربع الثاني من العام، حققت سامسونج قفزة في حصتها داخل سوق الهواتف الذكية بالولايات المتحدة، لترتفع من 23% إلى 31%، وفقاً لبيانات شركة "كاناليس". في المقابل، تراجعت حصة آبل من 56% إلى 49%، رغم احتفاظها بالصدارة.
هذا التراجع النسبي يُعد مؤشراً مقلقاً لآبل، التي لم تواجه مثل هذا الانخفاض منذ أكثر من عشر سنوات. ونتيجة لذلك، انخفض سهم الشركة بنسبة 7.5% هذا العام، لتسجل أداءً دون المستوى مقارنة بمعظم شركات التكنولوجيا الكبرى، باستثناء تسلا.
على الجانب الآخر، تتوقع التقديرات أن تحقق سامسونج نمواً بنسبة تصل إلى 35% في قيمة أسهمها بحلول عام 2025، مدفوعة بابتكاراتها المستمرة وتوسيع مجموعة منتجاتها.
ابتكارات سامسونج تجذب الأنظار
في يوليو، كشفت سامسونج عن هاتفيها الجديدين القابلين للطي: Z Fold 7 الذي يتحول إلى جهاز لوحي، وZ Flip الذي يستعيد روح الهواتف القابلة للطي التقليدية مع تقنيات حديثة. وقد أثارت هذه الأجهزة اهتماماً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تصدّرت مقاطع اختبارات المتانة المشهد الرقمي، بما في ذلك مقطع يُظهر أحد المستخدمين وهو يثني هاتف Z Fold 7 أكثر من 200,000 مرة، وحاز على أكثر من 15 مليون مشاهدة على يوتيوب.
كما شهدت هذه الهواتف أكثر من 50 ألف ذكر على منصات التواصل خلال شهر واحد، وكانت 83% من هذه التفاعلات إيجابية أو محايدة، وفقاً لتحليلات شركة Sprout Social.
التسعير وتنوع المنتجات يمنحان سامسونج الأفضلية
تشير تحليلات السوق إلى أن نجاح سامسونج لا يعود فقط إلى التصميم، بل أيضاً إلى استراتيجيتها في تسعير الهواتف وتوفير مجموعة متنوعة تُخاطب كافة فئات المستخدمين. فبينما تتركز آبل على أجهزة ذات أسعار مرتفعة نسبياً، تقدم سامسونج خيارات تبدأ من 650 دولاراً وتصل إلى أكثر من 2400 دولار، ما يتيح لها الوصول إلى شرائح أوسع.
ويقول رونار بيورهوفدي من شركة Canalys: "سامسونج تستهدف العملاء عند كل نقطة سعرية، وهو ما يمنحها مرونة كبيرة في السوق".
الرسوم الجمركية تعيد ترتيب الأوراق
من جهة أخرى، لعبت الرسوم الجمركية دوراً غير مباشر في تغيّر حصة السوق، إذ دفعت الشركات لإعادة النظر في استراتيجيات التوزيع والشحن. ومع ذلك، يرى المحللون أن الزيادة في مبيعات سامسونج تعكس أيضاً ثقة المستهلكين بمنتجاتها المبتكرة.
هل تنضم آبل إلى سباق الهواتف القابلة للطي؟
في ظل نجاح سامسونج في مجال الهواتف القابلة للطي، تتجه الأنظار نحو آبل وخططها المستقبلية. ووفقاً لتقارير من "جيه بي مورغان تشيس"، قد تُطلق الشركة أول هاتف آيفون قابل للطي ضمن سلسلة iPhone 18 بحلول خريف 2026.
ويرى المحللون أن دخول آبل إلى هذا السوق قد يُمهّد لحقبة جديدة من الأجهزة فائقة السعر، حيث إن هواتفها الحالية مثل iPhone 16 Pro Max تبدأ من 1199 دولاراً، بينما يبلغ سعر Z Fold 7 من سامسونج 1999 دولاراً وقد يصل إلى 2419 دولاراً لإصدار 1 تيرابايت.
الذكاء الاصطناعي وتأخر آبل
هناك قلق متزايد بين المستثمرين بشأن تأخر آبل في اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، لا سيما في تطوير مساعدها الصوتي "سيري"، المقرر تحديثه العام المقبل. ومع ذلك، يُشير مراقبون إلى أن آبل لا تعتمد على السرعة في إطلاق المنتجات، بل تفضل انتظار نضوج التقنية قبل تبنيها.
ويقول المحلل ساميك تشاترجي: "آبل لطالما فضّلت أن تراقب السوق عن كثب قبل دخول المنافسة. وإذا كان وقت الأجهزة القابلة للطي قد حان، فإن آبل ستكون مستعدة لدخول السباق بقوة".