بوابة بالعربي الإخبارية

صناديق الاستثمار والبنوك المركزية تقود أسعار الذهب بعيداً عن قواعد العرض والطلب التقليدية

الأحد 24 أغسطس 2025 09:29 صـ 29 صفر 1447 هـ
الذهب
الذهب

قال بنك الاستثمار العالمي "غولدمان ساكس" إن أسعار الذهب لا تتأثر كثيراً بكميات المعروض من المناجم، بل تعتمد بشكل أساسي على سلوك المشترين، وعلى رأسهم البنوك المركزية، وصناديق الاستثمار المتداولة، والمضاربون في الأسواق.

وأشار البنك إلى أن الذهب يختلف عن السلع الأخرى مثل النفط والغاز الطبيعي، حيث لا يتم استهلاكه وإنما يُخزن، ما يجعل معادلات العرض والطلب التقليدية غير كافية لتفسير تغيراته السعرية.

70% من تحركات الذهب الشهرية تعود لتدفقات "الإقناع"

أوضحت "لينا توماس"، الخبيرة الاستراتيجية لدى "غولدمان ساكس"، أن ما يُعرف بـ"تدفقات الإقناع" تمثل نحو 70% من العوامل التي تحرك أسعار الذهب شهريًا. وتشمل هذه الفئة من المشترين كلاً من:

  • البنوك المركزية
  • صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)
  • المضاربين في الأسواق العالمية

رغم اختلاف دوافع الشراء بين هذه الجهات، إلا أن تأثيرها على السوق متقارب، إذ تُعد هذه التدفقات هي المحرك الأساسي لتقلبات الأسعار.

علاقة طردية بين الشراء المؤسسي وسعر الذهب

يُقدّر "غولدمان ساكس" أن كل 100 طن من مشتريات الذهب من قبل هذه الجهات تؤدي إلى زيادة في السعر بنسبة 1.7%.
وبينما تلعب الأسر - خصوصاً في الأسواق الناشئة - دورًا في دعم السوق، إلا أن تأثيرها يظل محدودًا مقارنة بالتدفقات المؤسسية.

ومن المهم الإشارة إلى أن ارتفاع أسعار الذهب لا يؤدي عادة إلى زيادة فورية في المعروض، نظرًا لثبات إنتاج المناجم وصعوبة زيادته بسرعة، كما أن الأسر نادرًا ما تبيع ما تمتلكه من ذهب.

صافي مشتريات السندات هو مفتاح تحركات الأسعار

تقول توماس إن العامل الحاسم في تحديد حركة أسعار الذهب هو نسبة "صافي مشتريات السندات إلى معروض المناجم".
ومع استقرار إنتاج الذهب من المناجم، فإن أي تغيير في حجم المشتريات - خاصة من المؤسسات الكبرى - يترك أثرًا مباشرًا وكبيرًا على السعر.

البنوك المركزية.. من البيع إلى الشراء

شهدت السنوات الأخيرة تحولًا كبيرًا في سلوك البنوك المركزية تجاه الذهب، إذ انتقلت من كونها بائعة صافية إلى مشترٍ صافي للذهب منذ الأزمة المالية العالمية، وخاصة بعد تجميد احتياطيات روسيا في عام 2022.

هذا التحول، حسب التقرير، أدى إلى إعادة صياغة العلاقة بين أسعار الذهب وأسعار الفائدة، حيث باتت تدفقات الشراء الرسمية من البنوك المركزية تعوض بشكل كبير عن خروج الاستثمارات من صناديق الذهب.

وأكدت توماس أن البنوك المركزية في الأسواق الناشئة أصبحت ترى في الذهب الأصل الاحتياطي الوحيد الآمن الذي لا يمكن مصادرته، بشرط الاحتفاظ به داخل البلاد.

دورات طويلة من الشراء.. ومخاوف جيوسياسية تحرك السوق

يتسم شراء البنوك المركزية للذهب بأنه يتحرك في دورات طويلة، غالبًا ما تتأثر بالأحداث الجيوسياسية أو المخاوف بشأن الاستقرار المالي العالمي.

فعندما تقل ثقة هذه المؤسسات في النظام المالي العالمي، كما يحدث خلال العقوبات أو التوترات الدولية، تتجه إلى تعزيز احتياطياتها من الذهب، وهو ما يؤدي إلى موجات شراء قوية تؤثر على السوق.

بالمقابل، عندما تستقر الأوضاع وتعود الثقة، تتباطأ هذه التدفقات بشكل ملحوظ.

في النهاية، خلص التقرير إلى أن أسعار الذهب تتحدد بالدرجة الأولى بناءً على "التدفقات المتراكبة" من الجهات الشرائية، مقارنة بالمعروض الثابت من المناجم، ما يعني أن حتى التحركات الصغيرة في مشتريات البنوك المركزية يمكن أن تُحدث تأثيرات كبيرة على السوق.