قطاع الطاقة المتجددة يحقق توسعًا عالميًا ملحوظًا في الربع الثاني من 2025

كشف جمال اللوغاني، الأمين العام للمنظمة العربية للطاقة (أوابك سابقاً)، عن توسّع ملحوظ في قطاع الطاقات المتجددة على المستوى العالمي خلال الربع الثاني من عام 2025، مدفوعاً باستثمارات متزايدة وسياسات داعمة في عدد من الدول الكبرى.
جاء ذلك بالتزامن مع إصدار التقرير الفصلي للمنظمة حول مستجدات الطاقة الجديدة والمتجددة، وتحولات الطاقة، وقضايا تغير المناخ.
الصين في الصدارة.. ومشروعات رائدة في الرياح والهيدروليك
ووفقاً للتقرير، واصلت الصين ريادتها العالمية في مجال الطاقة المتجددة، حيث استحوذت على نصف القدرة العالمية للطاقة الشمسية، إلى جانب تطويرها أكبر توربين عائم لطاقة الرياح، وبدء العمل في إنشاء أكبر سد كهرومائي في العالم.
الولايات المتحدة والهند تسجلان تقدمًا بارزًا
في الولايات المتحدة، شكّلت مصادر الطاقة النظيفة معظم إنتاج الكهرباء خلال شهور مارس وأبريل ومايو 2025، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد.
أما الهند، فقد سجلت ارتفاعاً حاداً في إضافة قدرات جديدة للطاقة المتجددة، مدفوعة بمشروعات الطاقة الشمسية.
الدول العربية تواصل التوسع في الطاقة النظيفة رغم التحديات
أشار اللوغاني إلى أن الدول العربية تواصل دعم قطاع الطاقات المتجددة، انطلاقاً من استراتيجيات تنويع الاقتصاد، على الرغم من التحديات التي يواجهها القطاع، وعلى رأسها الاضطرابات السياسية والتنظيمية في بعض الأسواق.
وشدّد على أن تعزيز البنية التحتية لمشروعات الطاقة المتجددة لم يعد خياراً، بل ضرورة ملحّة في ظل تصاعد المخاطر المناخية.
الهيدروجين الأخضر.. فرصة عربية تنافسية
أكد الأمين العام للمنظمة أن الدول العربية تمتلك إمكانيات كبيرة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة تنافسية، مما يمنحها فرصة لإزالة الكربون، سواء عبر استخدامه المباشر أو من خلال مشتقاته كالأمونيا.
كما يُمكن لهذا القطاع أن يساهم في جذب استثمارات أجنبية، وتوفير وظائف نوعية، وتحسين الميزان التجاري.
تحولات الطاقة تتطلب توازنًا بين الطموحات والواقع
أوضح اللوغاني أن إنجاح تحولات الطاقة يتطلب المواءمة بين الأهداف الطموحة والإمكانات الفعلية، من خلال ضخ استثمارات طويلة الأمد، ووضع أطر تنظيمية موثوقة تعزز ثقة المستثمرين.
وشدد على أن هذه التحولات لم تعد مجرد قضية بيئية، بل أصبحت عنصراً رئيسياً في استقرار الاقتصادات.
خلل تمويلي بين الشمال والجنوب
أبرز التقرير استمرار الفجوة التمويلية في قطاع الطاقة النظيفة، إذ تذهب أكثر من 90% من الاستثمارات منذ 2021 إلى الاقتصادات المتقدمة والصين، بينما 80% من الطلب المستقبلي سيأتي من الدول النامية.
واعتبر اللوغاني هذا التفاوت خللاً هيكلياً يعيق تحقيق تحول عادل في الطاقة على المستوى العالمي.
الطاقة النووية تعود كخيار استراتيجي
رأى اللوغاني أن الطاقة النووية تمثل خياراً حيوياً لدعم أمن الطاقة العالمي وخفض الانبعاثات، لافتاً إلى أن الابتكار في تصميم المفاعلات الصغيرة يفتح آفاقاً جديدة لتوسيع استخدام الطاقة النووية بشكل أكثر مرونة وكفاءة.
النفط والغاز مستمران في صدارة مزيج الطاقة
رغم التوسع في الطاقة المتجددة، توقع اللوغاني استمرار هيمنة النفط والغاز على أكثر من 50% من مزيج الطاقة في المستقبل القريب، نظراً للطلب المتزايد عليهما في قطاعات النقل والصناعة.
وأكد أن تطوير تقنيات مثل احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS) سيجعل الصناعات البترولية أكثر استدامة.
المعادن الحرجة.. عنصر استراتيجي وتحذير من الاختناقات
تناول اللوغاني أهمية أسواق المعادن الحرجة في دعم تحول الطاقة، لكنه حذر من التحديات الجيوسياسية التي قد تعيق الوصول إلى هذه الموارد، داعياً إلى تعزيز الاستكشاف، ودعم تقنيات إعادة التدوير، وتوسيع الشراكات الدولية لضمان استدامة هذه الأسواق.
مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي: فرص وتحديات للطاقة
أكد التقرير أن مراكز البيانات أصبحت من أعمدة الاقتصاد الرقمي العالمي، وتزايد الاعتماد عليها سيستمر مع توسع الذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية.
لكنه شدد على ضرورة التعاون بين الحكومات وشركات التكنولوجيا وموردي الكهرباء لضمان استدامة هذا النمو، من خلال توفير طاقة نظيفة وتطوير حلول لتحسين الكفاءة وتقليل الاستهلاك.
مواجهة التغير المناخي.. من التوقع إلى التحرك
أوضح اللوغاني أن تغير المناخ لم يعد تحدياً مؤجلاً، بل واقع يتطلب تحركاً عالمياً عاجلاً لحماية المجتمعات والاقتصادات، داعياً إلى أن يكون مؤتمر "كوب 30" محطة حاسمة لتحقيق الطموحات البيئية بعدالة وشمولية.
وأشار إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في التخفيف من آثار التغير المناخي، من خلال تحسين كفاءة استهلاك الطاقة والتنبؤ بالطلب ومواجهة الظواهر الجوية المتطرفة.