مصر تنسج مستقبلها من جديد.. استثمارات الغزل والنسيج تتخطى نصف مليار دولار

تشهد مصر تحولات كبرى في صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، مدفوعةً بمشروعات قومية واستثمارات أجنبية ضخمة، أبرزها في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التي استقطبت منذ مطلع العام الجاري استثمارات تجاوزت 576 مليون دولار موزعة على 28 مشروعاً، مع توقعات بارتفاعها إلى أكثر من مليار دولار بنهاية 2025.
وتسعى الحكومة إلى تعزيز مكانة مصر في هذه الصناعة عبر مشروع قومي بتكلفة 80 مليار جنيه لتطوير القطاع، الذي أدرجته ضمن الصناعات ذات الأولوية لجذب الاستثمارات، مستندةً إلى ميزة تنافسية تقوم على التكامل بين زراعة القطن والتصنيع وصولاً إلى المنتج النهائي.
استثمارات صينية وتركية متزايدة
تشير البيانات إلى أن الشركات الصينية استحوذت على أكثر من 70% من الاستثمارات المعلنة، إلى جانب مساهمات محلية وتركية وتايلندية، موجهة في معظمها للتصدير إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية.
ويرى محمد عبد السلام، رئيس غرفة صناعة الملابس الجاهزة، أن القطاع قادر على اجتذاب ما لا يقل عن مليار دولار إضافية بنهاية العام المقبل، في ظل الطلب الكبير من المستثمرين الصينيين والأتراك الذين يبحثون عن بدائل أقل كلفة للإنتاج مقارنة ببلدانهم.
وفي هذا السياق، كشف يانغ هيرونج، رئيس مجموعة "تشيساج القابضة" الصينية، أن شركته تدرس إقامة مصنع للملابس والمنسوجات في مصر على مساحة تصل إلى 150 ألف متر مربع بإحدى المدن الصناعية الكبرى مثل العاشر من رمضان.
فرص تصديرية واعدة
يتوقع عبد السلام أن يسهم تسهيل حصول المستثمرين على الأراضي الصناعية في زيادة الاستثمارات إلى نحو ملياري دولار، بما يرفع صادرات الملابس الجاهزة إلى 5 مليارات دولار، بنمو يتجاوز 30%.
كما أشار عبد الغني الأباصيري، نائب رئيس غرفة صناعات النسيج، إلى تزايد طلبات المستثمرين على مساحات كبيرة قد تصل إلى 150 ألف متر مربع للمصنع الواحد، لافتاً إلى أن الطاقات الإنتاجية للمصانع الجديدة تفوق المصانع القائمة بثلاثة إلى أربعة أضعاف.
أما مجدي طلبة، رئيس شركة "تي آند سي"، فيرى أن مصر قادرة على رفع صادراتها من المنسوجات من 4 مليارات دولار إلى 40 مليار دولار سنوياً، اعتماداً على موقعها الاستراتيجي وتكلفتها التنافسية مقارنة بدول مثل بنغلاديش وفيتنام.
تحديات قائمة
رغم الفرص الكبيرة، يواجه القطاع عقبات قد تعرقل نموه، من بينها نقص العمالة الماهرة، وارتفاع أسعار الأراضي الصناعية، والبيروقراطية في إصدار التراخيص، إضافة إلى تعدد الجهات وضعف سياسات دعم الصادرات.
كما أن ارتفاع تكلفة التمويل وشح الدولار خلال السنوات الماضية هدد بإغلاق عدد من المصانع، ما استدعى إطلاق الحكومة مبادرات لدعم القطاع لم تُفعَّل بعد.
توسع في الصادرات
أحمد عبد الجواد، الرئيس التنفيذي لشركة "إيجيبشيان كوتن هب"، أكد أن المصانع الجديدة التابعة للشركة القابضة تستهدف تصدير 70% من إنتاجها إلى أسواق متعددة تشمل آسيا والخليج وأوروبا والولايات المتحدة، بما يعزز فرص مصر في توسيع حضورها العالمي.
عوامل داعمة للنمو
بحسب فيكتور فخري، عضو مجلس إدارة شركة "دايس"، تتمتع مصر بميزة الموقع الجغرافي وقوة الأيدي العاملة، ما يجعلها نقطة جذب للاستثمارات الأجنبية خاصة من تركيا، حيث التضخم المرتفع يدفع الشركات للبحث عن أسواق بديلة.
ويرى أن تدفق الاستثمارات والشراكات الجديدة سيعزز توطين صناعة النسيج ويقلل فاتورة الاستيراد.
ويمثل قطاع الغزل والنسيج حالياً نحو 22% من صادرات مصر، و3.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مع توقعات بمزيد من الزخم في الفترة المقبلة، بحسب هيثم فهمي، رئيس قسم البحوث في شركة "برايم" لتداول الأوراق المالية.