بوابة بالعربي الإخبارية

الرهان المزدوج: كيف يجمع استثمار السعودية في OpenAI بين هيمنة المستقبل والثروة الهائلة

الخميس 28 أغسطس 2025 11:49 صـ 4 ربيع أول 1447 هـ
سامر شقير
سامر شقير

عندما تضع كيانات سيادية بحجم صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركاؤه مليارات الدولارات على طاولة التفاوض مع شركة بحجم "أوبن إيه آي"، فإنها لا تفعل ذلك لهدف واحد، بل لهدفين متكاملين ومتساويين في الأهمية: تأمين مقعد استراتيجي في المستقبل، واقتناص فرصة لتحقيق أرباح مالية استثنائية.

بالنسبة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، يعد هذا التحرك هو بالفعل خطوة استراتيجية تهدف إلى بناء اقتصاد ما بعد النفط قائم على المعرفة، لكن لنكن واضحين تماماً، هذا المقعد في الصف الأول ليس مقعداً شرفياً، بل هو أصل استثماري يُتوقع أن ينمو بشكل هائل، إنه رهان مزدوج وذكي: الأول على القوة والنفوذ في عالم الغد، والثاني على تحقيق عائدات مالية قد تفوق في ربحيتها الكثير من الاستثمارات التقليدية.

ففي عالم الاستثمار، الفرص التي تجمع بين التأثير الاستراتيجي والأرباح الفلكية هي نادرة وثمينة، ولفهم حجم الربحية المتوقعة، يجب أن نرى "أوبن إيه آي" ليس كشركة برمجيات، بل كمنصة أساسية للاقتصاد العالمي القادم، لأن كل قطاع نعرفه اليوم، من الرعاية الصحية إلى الخدمات المالية والتعليم والترفيه، سيعاد تشكيله بالكامل بواسطة نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي.

والاستثمار في الشركة التي تطور هذه النماذج الأساسية يشبه الاستثمار في بناء شبكة الكهرباء أو الإنترنت في بداياتها، إنه استثمار في البنية التحتية التي سيقوم عليها كل شيء آخر، مما يضمن تدفقات أرباح مستمرة ومتنوعة من آلاف التطبيقات والشركات التي ستعتمد على هذه التقنية، إنها فرصة للاستفادة من نمو قطاع بأكمله، وليس فقط شركة واحدة.

وهذا ما يفسر أيضاً وجود تحالف من المستثمرين من السعودية والهند والإمارات، فهذا ليس مجرد تجمع استراتيجي، بل هو تكتل مالي قوي يدرك أن الثروة التي سيولدها الذكاء الاصطناعي هائلة بما يكفي لتغيير موازين الاقتصاد العالمي.

هذا التحالف يسعى ليس فقط للمشاركة في صنع المستقبل، بل للحصول على حصة عادلة من الثروة التي ستنتج عن هذه الثورة التكنولوجية الكبرى.

إن صفقة بهذا الحجم هي رسالة واضحة عن التقاء الطموح الاستراتيجي مع الفطنة المالية، فالاستثمار الأقوى ليس الذي يخيرك بين السلطة والثروة، بل هو الذي يمنحك كليهما في صفقة واحدة.

وهذا بالضبط ما يبدو عليه الرهان المدروس على الذكاء الاصطناعي اليوم؛ استثمار في مستقبل الاقتصاد العالمي، بعوائد استراتيجية ومالية يصعب حصرها.