سامر شقير يكتب: رؤية لبنانية للاقتصاد السعودي في اليوم الوطني الـ 95

قبل 23 عامًا، قدمت إلى المملكة العربية السعودية حاملاً أحلام الشباب اللبناني وطموحاته. تنقلت في أشغال متعددة، من تجارية إلى استشارية، لأجد نفسي شاهدًا على قصة نمو استثنائية. اليوم، وفي اليوم الوطني السعودي الخامس والتسعين، أرى من نافذتي في الرياض مسيرة تحول اقتصادي عملاقة، أبعد من مجرد أرقام، بل هي انعكاس لرؤية طموحة وشعب يعمل بجد لتحقيقها.
عندما وصلت، كان الاقتصاد السعودي يعتمد بشكل كبير على النفط، وكان النفط هو المحرك الأساسي لجميع القطاعات. لكن ما أثار إعجابي على مدار أكثر من عقدين هو الانتقال المدروس والممنهج نحو تنويع مصادر الدخل. لم يكن هذا الانتقال مجرد شعار، بل خطة عمل تفصيلية جسدتها رؤية 2030، التي أثبتت أنها ليست مجرد وثيقة، بل خارطة طريق حقيقية.
تحولات كبرى ومشاريع رائدة
من خلال تجربتي العملية في قطاعات مختلفة، شهدت المملكة قفزات نوعية لم تكن معروفة سابقًا. قطاع السياحة، على سبيل المثال، تحوّل من مجرد قطاع ديني إلى وجهة عالمية للاستجمام والترفيه، من خلال مشاريع ضخمة مثل نيوم و مشروع البحر الأحمر و القدية.
هذه المشاريع ليست فقط بنايات ضخمة، بل هي منظومات اقتصادية متكاملة ستخلق آلاف الوظائف وتجذب استثمارات هائلة.
كما أنني كشاهد على هذا التغيير، أرى نموًا كبيرًا في قطاع الترفيه، الذي كان شبه غائب قبل سنوات قليلة. اليوم، يشكل هذا القطاع محركًا اقتصاديًا قويًا يساهم في الناتج المحلي الإجمالي، ويساهم أيضًا في تحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين.
قوة الاقتصاد غير النفطي
البيانات الاقتصادية التي أتابعها بانتظام تظهر بوضوح أن الاقتصاد السعودي غير النفطي أصبح أكثر ديناميكية. لقد أصبح القطاع الخاص شريكًا أساسيًا في التنمية، مع تبسيط الإجراءات الحكومية وتقديم الحوافز للمستثمرين. هذا التحول يشير إلى أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو بناء اقتصاد مستدام، لا يرتجف مع كل تقلب في أسعار النفط العالمية.
إن الاستثمارات في البنية التحتية، من شبكات النقل الحديثة إلى المدن الذكية، لم تعد مجرد مشاريع، بل هي ركائز أساسية لتنافسية المملكة على الصعيد العالمي.. إن هذا الاهتمام بالبنية التحتية، بالتزامن مع الإصلاحات التشريعية، يخلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر.
رؤية وطموح
في اليوم الوطني الـ 95، لا أحتفل فقط بإنجازات الماضي، بل أنظر بتفاؤل كبير إلى المستقبل. إن الطموح الذي أراه في عيون الشباب السعودي، والإصرار على تحقيق الأهداف، هو الثروة الحقيقية للمملكة. لقد أصبحت المملكة العربية السعودية، في نظر المقيم فيها، نموذجًا للتنمية المستدامة، حيث تتكامل الرؤية مع الإرادة لتشكيل مستقبل أكثر إشراقًا.
من خلال تجربتي الشخصية، يمكنني القول إن المملكة لم تعد مجرد أرض للعمل، بل أصبحت وطنًا ثانيًا لي. لقد كانت رحلتي مع الاقتصاد السعودي رحلة شخصية ومهنية في آن واحد، ويسعدني أن أكون شاهدًا على هذا التحول التاريخي.
هل تعتقد أن سرعة التحول الاقتصادي في السعودية تشكل تحديًا أم فرصة للشركات الصغيرة والمتوسطة؟