رغم التوترات والسياسات الحمائية.. المستثمرون الأجانب يضخون أموالًا قياسية في الأسهم الأمريكية

في الوقت الذي أثارت فيه تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الحرب التجارية وإمكانية ضم كندا موجة من القلق العالمي، خالفت أسواق المال التوقعات، وسجلت الأسهم الأمريكية أعلى مستويات الإقبال من المستثمرين الأجانب منذ أكثر من خمسة عقود.
ووفقًا لبيانات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ضخ المستثمرون الأجانب نحو 290.7 مليار دولار في سوق الأسهم الأمريكية خلال الربع الثاني من عام 2025، وهي أكبر قيمة فصلية يتم تسجيلها على الإطلاق. وارتفعت بذلك نسبة الأسهم إلى 32% من إجمالي استثمارات الأجانب في الأصول الأمريكية، وهو ما تجاوز الرقم القياسي المسجل منذ عام 1968.
الذكاء الاصطناعي يقود موجة الشراء
يرى الخبراء أن الطفرة في قطاع التكنولوجيا، ولا سيما في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي مثل Nvidia وMicrosoft وAlphabet، كانت من أبرز العوامل التي جذبت المستثمرين الدوليين. هذه الشركات تمثل مركز الثقل في السوق الأمريكية، وساهمت في تحقيق ارتفاعات تاريخية جديدة للقطاع.
ارتفاع الحيازات الأجنبية وتراجع الدولار
تشير تقديرات "بنك أوف أميركا" إلى أن حيازات الأجانب من الأسهم الأمريكية سترتفع إلى 2.8 تريليون دولار بحلول نهاية 2025، بينما تُظهر بيانات الفيدرالي أن الأجانب يمتلكون الآن ما يقارب 18 تريليون دولار من الأسهم الأمريكية، ما يعادل 30% من إجمالي السوق البالغ 60 تريليون دولار.
ورغم هذا الإقبال الكبير، يتجه المستثمرون في الوقت نفسه إلى تخفيض تعرضهم للدولار الأمريكي، الذي تراجع بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، في محاولة للتحوط من تقلبات السياسات الاقتصادية الأمريكية.
الأداء مقارنة بالأسواق العالمية
ورغم الزخم في السوق الأمريكية، لم يكن أداء مؤشر S&P 500 الأفضل عالميًا. فقد تفوق عليه مؤشر "MSCI All-Country World" بنسبة ارتفاع بلغت 22%، مقابل 13% فقط لـ S&P 500. وتفوقت أسواق مثل كندا والمكسيك والبرازيل واليابان والصين من حيث العوائد، سواء بالدولار أو بالعملات المحلية.
استثمارات انتقائية تركز على التكنولوجيا
يرى محللون أن الاستثمارات الأجنبية كانت انتقائية وليست سياسية، مع تركيز واضح على شركات التكنولوجيا الكبرى. وقال سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في CFRA، إن هذا التوجه "لا يعكس تأييدًا للسياسات الأمريكية بقدر ما يعكس الثقة في الشركات ذات الأداء القوي"، لافتًا إلى أن قطاع التكنولوجيا وحده حقق 26 قمة سعرية جديدة في 2025.
استمرار الزخم في الربع الثالث
وتُظهر بيانات "EPFR" استمرار تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية نحو الأسهم الأمريكية خلال الربع الثالث، بوتيرة هي الأسرع منذ مارس 2025، وسط مؤشرات على تحول في السياسة النقدية بعد أول خفض للفائدة من جانب الفيدرالي منذ عام.
حياد سياسي وتركز استثماري
في تعليقاته، أشار بريان جاكوبسن، كبير الاقتصاديين في "أنيكس ويلث مانجمنت"، إلى أن كثيرًا من المستثمرين الأجانب يفصلون بين السياسات الحكومية الأمريكية وأداء الشركات المدرجة في البورصات. واعتبر أن الاعتراضات السياسية لا تمنع من الثقة في السوق الأمريكية كوجهة استثمارية طويلة الأجل.