الوفاق والاتفاق.. ويبقى القرار للناخب

يبدو أن المشهد السياسي في مصر يمر بمرحلة مهمة من تاريخه، في وقت تسعى فيه الدولة إلى تحقيق الاستقرار ودفع عجلة التنمية إلى الأمام.
وفي ضوء هذه المرحلة الدقيقة، أصبح من الواضح أن التوافق بين القوى السياسية والتعاون الوطني هما من أهم الأسس التي يمكن أن تُبنى عليها المرحلة القادمة.
ومن هذا المنطلق، ظهرت القائمة الوطنية من أجل مصر، لتضم تحت مظلتها عددًا من الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة، في محاولة لتقديم نموذج يعكس روح العمل المشترك، بعيدًا عن الخلاف والصراع.
ويُعد هذا التوجه نحو الشراكة السياسية علامة على نضج المشهد السياسي، إذ أن التعددية لم تعد تُرى كعامل انقسام، بل كأداة تدعم الحياة الديمقراطية. فالتعددية السياسية ليست مشكلة، بل هي دليل على وجود مجتمع حي يملك القدرة على التعبير عن آرائه ومصالحه بطرق مختلفة.
والاختلاف في الرأي لا يعني الانقسام، بل يمكن أن يكون وسيلة للوصول إلى قرارات أفضل وأكثر توازنًا، تضمن تمثيل كافة شرائح المجتمع.
ولا يكتمل هذا المشهد دون الإشارة إلى الدور المتنامي للمرشحين المستقلين، الذين أصبحوا جزءًا لا يُستهان به من العملية السياسية. هؤلاء، بما يملكون من تواصل مباشر مع المواطنين وثقة شعبية، يمكنهم أن يسهموا بفاعلية في توعية الناخبين ومساعدتهم على اختيار من يمثلهم بشكل يعكس أولوياتهم الحقيقية.
وفي هذا السياق، تظل إرادة المواطن هي العامل الحاسم. فمهما تنوعت القوائم والتحالفات، ومهما اختلفت البرامج، يبقى صوت الناخب هو الفيصل، وهو صاحب القرار الأول والأخير في العملية الانتخابية.
التحالفات السياسية والمبادرات الحزبية ما هي إلا مقترحات تُعرض على الناس، أما القرار فهو بيد الناخب وحده.
ومن هنا، تبرز أهمية المشاركة الواعية والاختيار القائم على الفهم والاطلاع، فهما الطريق نحو بناء دولة قوية ومستقرة. وكلما كان المواطن واعيًا بدوره ومسؤولياته، كانت الديمقراطية أكثر صدقًا وفاعلية، وأكثر تعبيرًا عن طموحات الناس.
وفي نهاية المطاف، فإن احترام التعددية، والاعتراف بحق المواطن في اختيار من يمثله، هو ما يعكس نضج الحياة السياسية في مصر، ويؤكد أن مستقبل الوطن لا يُبنى إلا بإرادة شعبه الحرة.