بوابة بالعربي الإخبارية

رؤية 2030 تبدأ من التفاصيل: تشطيبات فاخرة بـ17 مليار ريال

الإثنين 6 أكتوبر 2025 11:29 مـ 13 ربيع آخر 1447 هـ
الخبير الاقتصادي سامر شقير
الخبير الاقتصادي سامر شقير

يُنظر إلى سوق التشطيبات الفاخرة في السعودية اليوم كأحد أبرز مؤشرات جودة البنية التحتية والمشاريع النوعية التي تقودها رؤية 2030.. ومع وصول قيمة السوق إلى 17 مليار ريال، أضحت المملكة إحدى أبرز الوجهات عالميًا من حيث الإنفاق على التشطيبات الراقية، متجاوزة بذلك المتوسطات العالمية.

هذا التركيز على أدق التفاصيل يضع المستثمرين أمام تحدٍ مزدوج: تلبية الطلب على الجودة الفائقة، وفي الوقت ذاته إدارة ارتفاع التكاليف، وهو ما يفتح الباب بقوة أمام فرص التوطين الصناعي والاكتفاء المحلي.

تكاليف الإنشاءات في السعودية: تحدٍ يتجاوز المتوسط العالمي

تكشف دراسة حديثة لشركة "جيه إل إل" لعام 2025 أن السعودية والإمارات تأتيان ضمن الأسواق العالمية التي تسجل أعلى نسبة تكاليف مخصصة للتشطيبات عالية الجودة. فقد وصل متوسط تكلفة التشطيبات في المملكة إلى أكثر من 9,000 ريال للمتر المربع، وهو رقم يفوق بكثير المتوسط العالمي البالغ نحو 6,860 ريالًا.

هذه الفروقات لا تعود لزيادة الطلب فحسب، بل تعكس أيضاً ضغوطاً لوجستية ومعقدة يواجهها قطاع الإنشاءات في منطقة الشرق الأوسط، حيث أسهم ارتفاع تكاليف تجهيز المكاتب والمساكن في زيادة الأعباء المالية على المطورين خلال الاثني عشر شهراً الماضية، مما يفرض إعادة تقييم شاملة لسلاسل الإمداد.

من الاستيراد إلى الاكتفاء: استراتيجية توطين صناعة التشطيبات

في مواجهة هذا الارتفاع الحاد في التكاليف، حيث يمكن أن يصل سعر المتر المربع للتشطيب الفاخر إلى 6 آلاف ريال، برز توجه استراتيجي واضح من قبل مستثمرين محليين لتقليص الاعتماد على الاستيراد، عبر تأسيس مصانع متخصصة لإنتاج مواد التشطيب الفاخرة محلياً.
هذا التحول يتناغم تماماً مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 لتعزيز المحتوى المحلي وتنويع القاعدة الصناعية.

ولا يقتصر أثر التوطين على تخفيف الأعباء التكاليفية وحسب، بل يمتد ليشمل ضمان الإمداد المحلي المستدام بمواصفات عالية، وتوفير فرص عمل نوعية، ما يعزز القدرة التنافسية الكلية للسوق.

سوق التصميم والديكور: فرصة استثمارية متصاعدة

إن حجم السوق بحد ذاته يمثل دليلاً قاطعاً على جاذبيته الاستثمارية.. فقد تجاوز سوق التصميم والديكور في السعودية حاجز الـ 12 إلى 15 مليار ريال في عام 2024، مع معدل نمو سنوي متوقع يتراوح بين 6 إلى 8%.

هذا النمو يعكس "شهية" استثمارية متزايدة لدى الأفراد والمطورين للجودة والتفاصيل الراقية، لا سيما مع انطلاق المشاريع الكبرى التي تتطلب معايير تنفيذ عالمية غير مسبوقة مثل نيوم، ذا لاين، القدية، وروشن.

هذه المشاريع تحديداً تشهد طلباً غير مسبوق على تشطيبات متقدمة تدمج بين الجمال والوظائف الذكية والاستدامة.

الجودة لا تتجزأ: دور المكاتب المحلية في ضبط المواصفات

تؤكد تقارير متخصصة، مثل تلك الصادرة عن IMARC وMordor Intelligence، أن دخول الشركات العالمية للسوق السعودي قد رفع سقف المنافسة بشكل كبير.

ومع ذلك، تبقى الجودة الحقيقية لا تُقاس بالخامات المستوردة فقط، بل بالضوابط والإجراءات الضامنة لها.
يكمن الضمان الفعلي للاستثمار في ثلاثة محاور رئيسية لا يمكن تجاوزها:


* عقود تنفيذ تفصيلية وواضحة المعالم.


* فحوصات استلام دقيقة تضمن المطابقة التامة للمواصفات.


* وجود مكتب محلي قوي لإدارة المشروع والإشراف عليه.

هذا المكتب يلعب دور الضامن لالتزام الموردين الأجانب بالمواصفات المتفق عليها، ويوفر وثائق ضمان وصيانة واضحة، ما يحمي الاستثمار ويضمن استدامة جودة التشطيبات الفاخرة على المدى الطويل.

التحول الذكي: نحو سوق تشطيبات أكثر استدامة

في خضم هذا التحول، يبدو أن سوق التشطيبات في السعودية مقبل على مرحلة نوعية. إن النجاح في هذا السوق الذي تبلغ قيمته 17 مليار ريال يتطلب من المستثمرين والمطورين موازنة ذكية بين الجودة والتكلفة، وبين الاستيراد والتصنيع المحلي.
هذا التوازن هو المفتاح لتحقيق مشاريع عقارية أكثر استدامة وجودة، تليق بحجم المشاريع التنموية الكبرى التي تشهدها المملكة، وتُعزز من مكانتها كوجهة عالمية في عالم التطوير العقاري والتصميم المعماري.