بوابة بالعربي الإخبارية

التحول النقدي العالمي.. خفض الفائدة يلوح في أفق الاقتصادات الكبرى

الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 12:50 مـ 14 ربيع آخر 1447 هـ
أسعار الفائدة
أسعار الفائدة

يبدو أن البنوك المركزية الكبرى في العالم، وفي مقدمتها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، تستعد لمواصلة خفض أسعار الفائدة خلال ما تبقى من العام الجاري، في خطوة تعكس التوجه العالمي نحو التيسير النقدي رغم الحذر المتزايد من التضخم.

ووفقاً لتقديرات وحدة بلومبرغ إيكونوميكس، من المتوقع أن تخفض 15 مؤسسة نقدية رئيسية من أصل 23 أسعار الفائدة، باستثناء بنك اليابان الذي يتجه للرفع التدريجي، في حين يُرجح أن تبقي البنوك الأوروبية على مستوياتها الحالية دون تغيير.

أوروبا تتريث في الخفض

تشير التوقعات إلى أن البنوك المركزية في منطقة اليورو والمملكة المتحدة والدول الاسكندنافية ستتوقف مؤقتاً عن خفض الفائدة، بانتظار تقييم أثر التضخم واستقرار الأسعار.

وحتى في سويسرا، التي يُتوقع أن تقدم على خفض أخير محدود إلى النطاق السالب، فإن الإجراء سيبقى مؤقتاً.
في المقابل، يستعد الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لتنفيذ خفضين إضافيين قبل نهاية 2025، مع الاستمرار في وتيرة التخفيض الربع سنوية حتى منتصف 2026.

وتراعي هذه الخطوات مخاوف من عودة التضخم بفعل الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتشير التقديرات إلى أن معدل الفائدة النهائي في الولايات المتحدة سيكون أعلى قليلاً مما كان متوقعاً في تقرير يوليو الماضي.

الفيدرالي الأمريكي في دائرة السياسة والاقتصاد

بلغ سعر الفائدة الأميركي حالياً 4.25%، ومن المتوقع أن ينخفض إلى 3.75% بنهاية 2025.

ويتوقع المستثمرون خفضاً ربع نقطة في اجتماعي أكتوبر وديسمبر المقبلين.
ويواجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي ضغوطاً سياسية متزايدة من البيت الأبيض، في ظل اقتراب نهاية ولاية جيروم باول في مايو المقبل.

ورغم التوتر السياسي، فإن قرار المحكمة العليا بمنع ترامب من إقالة عضوة المجلس ليزا كوك مؤقتاً، منح البنك المركزي بعض الاستقرار قبل اجتماعاته المقبلة.

أوروبا بين التشدد والحذر

يبقي البنك المركزي الأوروبي سعر الإيداع عند 2%، وسط ارتياح عام لمستويات التضخم القريبة من الهدف البالغ 2%.

ويتوقع المستثمرون خفضاً محدوداً في الربع الأول من 2026 إذا تراجعت الأسعار أكثر من المتوقع.
وفي بنك إنجلترا، يستقر معدل الفائدة عند 4% مع تزايد الانقسام بين الأعضاء بشأن التوقيت المناسب لاستئناف الخفض، بينما تترقب الأسواق بيانات التضخم وميزانية الحكومة المقبلة في نوفمبر.

آسيا: اليابان ترفع.. والصين تتأنى

يتوقع أن يرفع بنك اليابان الفائدة إلى 0.75% بنهاية العام الجاري، في خطوة تعد الأولى منذ سنوات طويلة بعد تجاوز التضخم مستوى الهدف لأكثر من ثلاث سنوات.
أما بنك الشعب الصيني فيُرجح أن يبقي على نهج التيسير الحذر مع خفض طفيف في سعر الفائدة الأساسي إلى 1.3%، وسط قلق من تفاقم فقاعات الأصول رغم تباطؤ النمو إلى نحو 4%.

وفي الهند، من المتوقع أن يبدأ البنك المركزي دورة خفض تدريجية بعد تراجع التضخم واستمرار نمو الاقتصاد، بينما تتجه كوريا الجنوبية لخفض محتمل هذا الخريف لدعم الاقتصاد المتأثر بالرسوم الأميركية.

الأميركيتان: خفض محدود ومخاطر قائمة

يستعد بنك كندا لخفض جديد بمقدار ربع نقطة بعد تراجع النمو وضعف الصادرات نتيجة الرسوم الأميركية، في حين يُبقي البنك المركزي البرازيلي سعر الفائدة المرتفع عند 15% لاحتواء التضخم.
وفي المكسيك، يستمر التيسير النقدي تدريجياً مع تباطؤ النمو واستقرار العملة، بينما يبقي البنك المركزي الأرجنتيني قبضته مشددة على الأسواق المحلية وسط ضغوط تضخمية وتوترات مع صندوق النقد الدولي.

الأسواق الناشئة: حذر متزايد رغم الرغبة في التيسير

في تركيا، يُتوقع استمرار خفض الفائدة رغم التضخم المرتفع والمخاطر السياسية، مع وصول المعدل الحالي إلى 40.5%. أما نيجيريا فقد بدأت خفضاً محدوداً للفائدة بعد خمس سنوات من الثبات، بدعم من تحسن إنتاج النفط واستقرار العملة المحلية.
وفي إندونيسيا، تتزايد الضغوط السياسية والاقتصادية على البنك المركزي لمواصلة الخفض بعد احتجاجات البطالة وارتفاع الأسعار.

البنوك الأوروبية الصغرى: استقرار نسبي

يبقي البنك الوطني السويسري الفائدة عند الصفر مع احتمالات ضعيفة للعودة إلى المنطقة السالبة، بينما أنهى البنك المركزي السويدي دورة الخفض عند 1.75% بانتظار تطورات الرسوم الأميركية.
وفي النرويج وبولندا والتشيك، يسود الحذر، حيث تميل البنوك إلى الإبقاء على الفائدة الحالية حتى تتضح الصورة الاقتصادية في 2026.

المشهد العام

يعكس هذا الاتجاه العالمي نحو التيسير النقدي رغبة البنوك المركزية في دعم النمو دون إشعال موجة تضخمية جديدة.

ومع أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يقود هذا المسار بحذر، فإن اختلاف الأوضاع الاقتصادية والسياسية بين الدول يجعل عامي 2025 و2026 فترة اختبار حقيقية لقدرة السياسات النقدية على موازنة النمو والاستقرار.