السعودية ضد العراق.. كيف أنقذ التأهل لكأس العالم مستقبل دوري روشن؟

سجل المنتخب السعودي تأهلًا تاريخيًا إلى نهائيات كأس العالم 2026، التي ستقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، بعد مشوار شاق في التصفيات الآسيوية ووسط أجواء من الشكوك التي أحاطت بأداء "الأخضر" طوال المرحلة الماضية، خاصة بعد اضطراره لخوض الملحق القاري بدلًا من التأهل المباشر كما اعتاد في آخر نسختين من المونديال.
السعودية ضد العراق.. فوز الأخضر
ونجح المنتخب في تصدر مجموعته بالملحق الآسيوي برصيد أربع نقاط، متفوقًا على منتخب العراق بفارق الأهداف، بعد تعادلهما السلبي في اللقاء الذي جمعهما مساء الثلاثاء على ملعب الإنماء، ليحسم بطاقة العبور إلى النهائيات ويقطع الطريق أمام الانتقادات التي طالت المنظومة الكروية في المملكة، وعلى رأسها دوري المحترفين "روشن".
تأهل يبدد الشكوك حول دوري روشن
هذا التأهل لم يحمل أهمية كروية فحسب، بل جاء بمثابة رد مباشر على الانتقادات الواسعة التي طالت دوري روشن السعودي، الذي وُضع في قفص الاتهام من قبل البعض بدعوى أنه ساهم في تراجع أداء المنتخب بسبب اعتماد الأندية بشكل مفرط على اللاعبين الأجانب، وغياب العناصر المحلية عن التشكيل الأساسي.
وكانت أصوات عديدة قد طالبت بإعادة النظر في هيكلة الدوري وتقليص عدد المحترفين الأجانب، بعدما زاد عددهم إلى ثمانية في موسم 2023-2024، ثم إلى عشرة في الموسم التالي، وهو ما رأى فيه البعض سببًا رئيسيًا لتراجع فرص التأهل المباشر.
لكن نجاح المنتخب في اقتناص بطاقة التأهل عبر الملحق أعاد الثقة في مشروع تطوير الدوري المحلي، وأكّد أن وجود الأجانب لا يعني بالضرورة تراجع مستوى اللاعبين السعوديين، بل ربما يمثل حافزًا إضافيًا للارتقاء بالمستوى التنافسي.
دوري روشن أمام فرصة تاريخية
تأهل المنتخب السعودي إلى كأس العالم المقبلة يأتي في توقيت حاسم بالنسبة لدوري روشن، الذي يسعى إلى فرض نفسه كأحد الدوريات العالمية الكبرى بعد الطفرة النوعية التي شهدها من حيث الاستثمارات والنجوم العالميين.
ففي مونديال 2022، كان الدوري السعودي سابع أكثر الدوريات تمثيلًا، بمشاركة 33 لاعبًا معظمهم من المنتخب السعودي.
ومع استمرار "الأخضر" كأحد أعمدة البطولة، وتزايد عدد اللاعبين الدوليين في الأندية السعودية، فإن تمثيل دوري روشن في مونديال 2026 مرشح للارتفاع بشكل لافت، وربما يتخطى بعض الدوريات الأوروبية الكبرى.
هذا التمثيل لا يعكس فقط قوة الدوري، بل يعزز من صورته العالمية ويمنحه ثقلاً أكبر على مستوى التصنيفات الدولية، في وقت تتسابق فيه الدوريات لتوسيع قاعدتها الجماهيرية والتجارية.
تأثير مزدوج على الأندية واللاعبين
مشاركة عناصر شابة من المنتخب السعودي في كأس العالم 2026، مثل صالح أبو الشامات، ومصعب الجوير، وجهاد ذكري، ونواف بوشل، ستمنحهم خبرات دولية لا تُقدّر بثمن، ستنعكس لاحقًا على مستواهم مع أنديتهم.
وتعد المشاركة في المونديال فرصة نادرة لتسريع نضج اللاعبين وتطوير أدائهم في ظروف ضغط وتنافس عالمي، وهو ما قد ينعكس على قوة المنافسة داخل الدوري نفسه، ويزيد من حدة الصراع على المراكز الأساسية، في ظل التحدي الكبير الذي يفرضه التواجد الأجنبي القوي.
هذا التأثير التصاعدي أشبه بما يعرف بـ"تأثير الفراشة" في ديناميكية الأداء الجماعي، حيث تؤدي تجربة دولية واحدة إلى تغييرات متسلسلة تطال المنظومة بأكملها، من تطوير الأداء الفردي إلى تحسين المستوى الجماعي ثم رفع جودة الدوري ككل.
بين الشك واليقين.. الدوري السعودي يربح الرهان
منذ إطلاق الشكل الجديد لدوري روشن وزيادة عدد الأجانب، لم يتوقف الجدل حول مدى تأثير ذلك على مستقبل الكرة السعودية. وكان البعض يعتبر أن فشل المنتخب في التأهل المباشر دليل على إخفاق التجربة.
لكن تأهل "الأخضر" إلى مونديال 2026 أعاد التوازن إلى النقاش، وأثبت أن الاستثمار في الدوري وتطوير مستواه، إن أُحسن توجيهه، سينعكس إيجابًا على أداء المنتخب.
كما أثبت أن البناء القاعدي وتوفير الاحتكاك العالي للاعب المحلي، حتى في ظل تواجد عدد كبير من المحترفين، يمكن أن يؤتي ثماره على المدى المتوسط والطويل، إذا ما تم دعمه بسياسات فنية وإدارية فعالة.