القمة العالمية للبروبتك 2025.. الرياض تضع أسساً جديدة للبنية المالية الرقمية
تتجه المملكة العربية السعودية نحو اعتماد العملات الرقمية المستقرة ضمن منظومتها المالية قريباً، في خطوة تستهدف تعزيز جاذبية الاقتصاد السعودي أمام المستثمرين العالميين، ولا سيما في القطاع العقاري الذي يشهد نمواً متسارعاً.
بنية مالية جديدة للعالم
قال ماجد الحقيل، وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، إن العالم يشهد حالياً "إعادة تعريف شاملة للبنية المالية"، مشيراً إلى أن حجم المعاملات عبر العملات الرقمية المشفرة والمستقرة تجاوز 9 تريليونات دولار خلال العام الماضي، منها 1.2 تريليون دولار في سبتمبر 2025، بحسب بيانات بنك التسويات الدولية.
وأوضح الوزير، خلال كلمته في القمة العالمية للبروبتك 2025 المنعقدة في الرياض، أن هذا الرقم يفوق بنحو خمس مرات حجم المعاملات السنوية عبر منصة "باي بال"، ويقترب من قدرة شبكة "فيزا" على التسوية العالمية، ما يعكس مدى توسع استخدام هذه الأصول الرقمية في الاقتصاد الدولي.
العملات المستقرة تتحول إلى ركيزة مالية عالمية
وأضاف الحقيل أن العملات الرقمية المستقرة لم تعد مجرد أدوات استثمارية متخصصة، بل أصبحت "أساساً جديداً لتحرك القيمة على مستوى العالم"، لافتاً إلى أن قيمتها السوقية تخطت 300 مليار دولار، وتشكل نحو 75% من التحويلات القائمة على تقنية البلوك تشين حول العالم.
وأشار إلى أن مراكز مالية رائدة مثل دبي، وسنغافورة، ونيويورك، ولندن، وزيوريخ وضعت أُطراً تنظيمية لهذه العملات، لما توفره من شفافية عالية، وسهولة في التحقق الآلي من المعاملات، وتقليل الاحتكاك في الأنظمة المالية.
بُعد استراتيجي للمملكة
وأكد الوزير أن هذا التحول يحمل أبعاداً استراتيجية للمملكة، إذ تسهم العملات المستقرة في تسريع تدفق القيمة المالية بالسرعة نفسها التي تنتقل بها المعلومات، ما يعني إمكانية تنفيذ تسويات فورية للصفقات العقارية، وتفعيل حسابات الضمان الآلية، وتسهيل الاستثمارات العابرة للحدود.
وأضاف أن التطور التقني بات يتيح لمطور عقاري في الرياض الحصول على تمويل من لندن أو سنغافورة خلال ثوانٍ، مع الامتثال الكامل للأنظمة المالية السعودية، مشدداً على أن كل ريال أو دولار رقمي سيكون مدعوماً باحتياطيات خاضعة للرقابة والتدقيق من الجهات التنظيمية.
جذب استثمارات ضخمة نحو رؤية 2030
وأوضح الحقيل أن هذه الخطوة من شأنها أن تفتح الباب أمام تدفق واسع للاستثمارات الأجنبية المباشرة، لافتاً إلى أن المملكة تستقبل حالياً نحو 30 مليار دولار سنوياً من الاستثمارات الأجنبية، بينما تستهدف رفعها إلى 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030 ضمن أهداف رؤية 2030.
أنظمة تسوية مالية متقدمة
وشدد الوزير على أهمية بناء أنظمة تسويات مالية آمنة وسريعة تُدار من داخل المملكة وتتماشى مع المعايير الدولية، مشيراً إلى أن تطبيق العملات المستقرة في القطاع العقاري والتقنيات المرتبطة به سيحدث تغييراً جوهرياً، حيث ستصبح المعاملات رقمية بالكامل باستخدام رموز مالية ثابتة وقابلة للبرمجة، ما يعزز الثقة واليقين لدى المستثمرين والمواطنين على حد سواء.
شراكة تنظيمية لإطلاق المرحلة التجريبية
واختتم الحقيل تصريحه بالتأكيد على أن المملكة "تتطلع لرؤية عملات رقمية مستقرة قريباً" بالشراكة مع هيئة السوق المالية والبنك المركزي السعودي، مع التوسع في البيئة التجريبية التنظيمية بهدف جعل السوق العقارية السعودية الأكثر ابتكاراً وتنافسية في المنطقة والعالم.

