القطاع الخاص غير النفطي في مصر يسجل أبطأ وتيرة انكماش في 8 أشهر
القطاع الخاص غير النفطي في مصر حقق تقدماً جديداً نحو الاستقرار خلال شهر أكتوبر، بعدما سجل مؤشر مديري المشتريات الصادر عن "إس آند بي غلوبال" أبطأ وتيرة تراجع في أنشطة الأعمال منذ ثمانية أشهر، في إشارة إلى تحسّن نسبي في البيئة الاقتصادية رغم استمرار الضغوط التضخمية وارتفاع التكاليف.
ووفقاً للتقرير، ارتفع المؤشر إلى 49.2 نقطة خلال أكتوبر مقارنةً بـ48.8 نقطة في سبتمبر، ليبقى دون مستوى 50 نقطة الفاصل بين الانكماش والنمو، إلا أنه يعكس أداءً هو الأقوى منذ مارس الماضي، ما يشير إلى تراجع طفيف في النشاط التجاري وتحسّن تدريجي في أوضاع السوق المحلية.
تباطؤ في تراجع الطلب وتحسّن في الثقة
أظهرت بيانات الشركات أن وتيرة تراجع الطلب المحلي تباطأت إلى أضعف مستوى في خمسة أشهر، مع تسجيل قطاع التصنيع نمواً في الطلبات الجديدة للمرة الأولى منذ فترة. كما أشار التقرير إلى أن ثقة الشركات تجاه المستقبل تحسّنت بشكل ملحوظ، وإن كانت لا تزال دون متوسطها التاريخي.
ويرى خبراء "إس آند بي غلوبال" أن هذه النتائج تتماشى مع استقرار وتيرة نمو الاقتصاد المصري خلال الربع الأخير من عام 2025، حيث قال ديفيد أوين، كبير الخبراء الاقتصاديين في "إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس"، إن المؤشر ظل فوق متوسطه طويل الأجل، ما يعكس معدل نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي يبلغ نحو 4.6%.
وأضاف أوين أن النشاط التجاري تباطأ إلى أدنى مستوى له في ثمانية أشهر، لكن مؤشرات الطلب بدأت تُظهر تحسناً واضحاً، مما يشير إلى عودة تدريجية للزخم في الأسواق المحلية مع بداية الربع الرابع. ومع ذلك، حذر من أن استمرار ارتفاع التكاليف قد يحدّ من هذا التحسن إذا واجهت الشركات صعوبات في تمرير الزيادات السعرية إلى المستهلكين.
إنتاج مستقر وتوظيف متزايد
شهد شهر أكتوبر استقراراً شبه كامل في مستويات الإنتاج، مع تباطؤ ملحوظ في وتيرة الانكماش بدعم من أداء قوي في قطاع الصناعة، في حين استمرت حالة الضعف في قطاعات الخدمات والإنشاءات وتجارة الجملة والتجزئة.
وسجلت الشركات المصرية زيادة طفيفة في التوظيف للشهر الثالث خلال أربعة أشهر، إلى جانب ارتفاع في حجم الأعمال غير المنجزة، بينما حافظت أنشطة الشراء على استقرارها بعد فترة من التراجع. كما لجأت بعض الشركات إلى السحب من مخزوناتها لتلبية الطلب المتزايد، مما أدى إلى انخفاض المخزون إلى أدنى مستوى في عدة أشهر.
ارتفاع التكاليف وتحديات التضخم
بحسب التقرير، ارتفعت تكاليف مستلزمات الإنتاج بأسرع وتيرة منذ مايو الماضي، مدفوعة بزيادة الأجور التي بلغت أعلى مستوياتها منذ أكتوبر 2020، إلى جانب صعود أسعار الموردين وارتفاع تكاليف الوقود.
ورغم تلك الزيادات، تجنّبت العديد من الشركات تمرير كامل الأعباء إلى المستهلكين، في محاولة للحفاظ على القدرة الشرائية ودعم الطلب. وكانت الحكومة المصرية قد رفعت أسعار الوقود في أكتوبر بنسبة تصل إلى 13%، في ثاني تعديل خلال عام 2025، مع تعهّد بتثبيتها محلياً لمدة عام على الأقل.
توقعات أكثر تفاؤلاً
تحسنت توقعات الشركات المصرية بشأن النشاط المستقبلي، مدفوعة بالتفاؤل تجاه انتعاش الطلب المحلي واستقرار الأوضاع الاقتصادية، وإن ظلت تلك التوقعات دون المتوسط طويل الأجل.
ويأتي هذا الأداء وسط مؤشرات إيجابية على تحسّن الاقتصاد المصري خلال العام المالي 2024-2025، حيث تضاعف معدل النمو إلى 5% في الربع الأخير المنتهي في يونيو، وهو الأعلى منذ ثلاث سنوات، مدعوماً بانتعاش في قطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية والسياحة والاتصالات.
