بوابة بالعربي الإخبارية

الرياض تصنع المستقبل: بيبان وTOURISE يعيدان رسم مسار رؤية 2030

الأربعاء 5 نوفمبر 2025 10:08 مـ 14 جمادى أول 1447 هـ
سامر شقير
سامر شقير

في عالمٍ تتسارع فيه المتغيرات، لم تعد المنافسة بين الدول قائمة فقط على المؤشرات الاقتصادية أو التصنيفات الدولية، بل على قدرتها في تصميم المستقبل وصناعته.

وخلال الشهر الجاري، تبرز الرياض كمركز عالمي للابتكار عبر استضافة حدثين دوليين يعبّران عن روح رؤية 2030، هما “بيبان 2025” و**“TOURISE 2025”**، اللذان يجتمعان في توقيت واحد ليقدّما نموذجًا سعوديًا جديدًا يقوم على تكامل التنمية، والابتكار، والإنسان.


بيبان: منصة تنقل الأفكار إلى فرص

يمثل “بيبان” اليوم أكثر من كونه ملتقى لرواد الأعمال؛ فقد تحوّل إلى منصة تنموية تعمل على ربط الأفكار بالتمويل، وتسهيل انتقال الشركات من مرحلة التأسيس إلى التوسع الإقليمي والدولي. ويعكس شعار هذا العام “وجهة عالمية للفرص” التحول في طبيعة الملتقى من مجرد تجمع للجهات الداعمة، إلى حاضنة اقتصادية تُنتج نماذج أعمال قادرة على المنافسة عالميًا.

ويشير ارتفاع عدد الشركات الناشئة المشاركة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات إلى 397 شركة من أصل أكثر من 1000 شركة ناشئة حاضرة في الملتقى، إلى تسارع نمو الاقتصاد الرقمي في المملكة، وتعاظم دور رواد الأعمال السعوديين في قيادة هذا التحول.

وتبرز مبادرات “منشآت” في قلب هذا التوجه، لاسيما عبر “باب المنشآت متسارعة النمو”، الذي يتيح مساحات تفاعلية تجمع المستثمرين، والمسرّعات، وجهات التمويل، وشركاء التوسع، لتمكين الشركات من الانتقال من مرحلة بناء المنتج إلى مرحلة التوسع في الأسواق.


TOURISE: نموذج جديد للسياحة المستقبلية

على الجانب الآخر، يأتي منتدى TOURISE 2025 ليقدّم مقاربة مستقبلية للسياحة، بوصفها قطاعًا اقتصاديًا واستثماريًا وقوة ناعمة تعزّز مكانة الدول وتنافسيتها. ويحمل المنتدى شعار “الخطوة الضخمة المستقبلية” ليعكس توجهًا يقوم على توظيف التكنولوجيا والبحث العلمي لتطوير تجارب سياحية مستدامة ومرتكزة على الإنسان.

وتركّز أجندة المنتدى على أربعة محاور رئيسة:

تعزيز الاستثمارات السياحية الكبرى

صياغة سياسات مستقبلية للقطاع

تبني السياحة التجريبية والإنسانية

تسخير الذكاء الاصطناعي كأداة تمكين للقطاع دون المساس بروحه الإنسانية

وجذبت إحدى المبادرات العلمية المطروحة بالشراكة مع “جلوبانت” اهتمامًا واسعًا، إذ تناولت مفهوم “الاستحواذ الذكي” ودور البيانات والذكاء الاصطناعي في تطوير الوجهات السياحية عالميًا. وتشير التقديرات إلى أن عائدات قطاع السياحة العالمي قد تصل إلى 16.5 تريليون دولار بحلول عام 2035، وهي فرصةٍ للدول التي تتبنى التحول الرقمي في القطاع دون التخلي عن جوهر الضيافة وقيمها الإنسانية.

ويسعى المنتدى إلى توجيه التقنية لتقديم تجربة سياحية أكثر ذكاءً، واستدامة، وملاءمة للإنسان، بما يعزز موقع المملكة كمختبر عالمي لتجارب سياحية مبتكرة.


تكامل بين ريادة الأعمال والسياحة… برؤية واحدة

تتجلى أهمية الحدثين في تكامل أدوارهما. فـ “بيبان” يمثل منصة لتوليد الحلول والابتكارات وبناء منظومة ريادة الأعمال، فيما يوفر “TOURISE” إطارًا لتطبيق هذه الحلول في قطاع اقتصادي حيوي قادر على تنويع مصادر الدخل وتعزيز حضور المملكة عالميًا.

هذا التكامل يعكس أسلوبًا سعوديًا جديدًا في التفكير التنموي؛ فبدل المعالجة القطاعية المنفصلة، يتم بناء نموذج يقوم على الربط بين الاقتصاد، والتقنية، والسياحة، والإنسان. وهي منهجية تؤكد أن رؤية 2030 ليست وثيقة حكومية، بل منظومة متشابكة تخلق قيمة أكبر عندما تتفاعل قطاعاتها معًا.


لا تمثل فعاليات الرياض في 2025 مجرد أحداث اقتصادية أو مؤتمرات سنوية، بل هي محطات تحول تُظهر أن المملكة تدخل مرحلة جديدة تقوم على الابتكار النوعي والتكامل في التخطيط والتنفيذ.


ما يحدث اليوم ليس امتدادًا طبيعيًا لمسار النمو، بل قفزة استراتيجية تعيد تشكيل ملامح المستقبل السعودي، وتقدّم نموذجًا يمكن للعالم أن يتعلم منه.