ركيزة أساسية للديمقراطية في العراق
في الأنظمة السياسية الديمقراطية، تعرف الأحزاب وتخلد سيرتها، بما تقدمه للشعوب، وبما تفرزه لأوطانها من قيادات حقيقية على كافة المستويات.
هذه الحقيقة، وتلك القاعدة، حينما نضاهيها مع الواقع العراقي، نتأكد من أسباب واضحة تقف وراء بقاء أحزاب بعينها ركيزة للديمقراطية وضمانة للاستقرار المبنى على أسس سليمة ودستورية، ومعها نفهم نتائج أية استحقاقات سياسية، كالانتخابات التشريعية، التي تصدرها الحزب الديمقراطي الكوردستاني بأكثرية تجاوزت المليون و مائة ألف صوت، ليحصد 27 مقعدا، بخلاف خمسة مقاعد نالها عبر نظام الكوتا، ولولا تعسف قانون الانتخابات لحصل على أكثر من 50 مقعدا.
هذا الانتصار الكبير لم يأت من العدم، بل بتطبيق نهج قائد كرس حياته من أجل قضية شعبه، وهو الأب الروحي للشعب الكوردي الجنرال مصطفى بارزاني الخالد، واليوم؛ يواصل الحزب بقيادة الزعيم مسعود بارزاني، الدفاع عن حقوق و مكتسبات الشعب الكوردي، وحصول "الديمقراطي" على هذا العدد من الأصوات يجعله أكثر انضباطا و التزاما بمبادئه، ويحمل المزيد من المسؤوليات للعمل من أجل تقديم خدمات أفضل للمواطنين، وتحقيق إصلاحات أكبر على المستويات المختلفة، التشريعي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي، ويعزز خطوات نوابه وحكومته في الإقليم أيضا نحو مكافحة الفساد، ويزيد من دور قيادته السباق في الدفاع عن أمته و وطنه.
إن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية العراقية أبرزت قدرة الديمقراطي الكوردستاني على الوقوف بوجه من يحاول النيل من كرامة الشعب الكوردستاني و تهميشه، فهذا الفوز الساحق دلالة على أن هذا الحزب له جذور في أعماق الجماهير التي ترى فيه الوسيلة الأولى، إن لم تكن الوحيدة، لتحقيق أمنياته، وهو رغم فوزه الساحق في الانتخابات التشريعية العراقية و الكوردستانية أيضا، يدعم تشكيل الحكومتين على أساس نتائج الانتخابات، مع ضمان مشاركة جميع المكونات فيهما، على أساس التوازن و التوافق و الشراكة، والالتزام بالدستور.
فعلى صعيد الإقليم، ناقش الحزب الديمقراطي جميع الأحزاب التي حصلت على مقاعد برلمانية، لكن البعض اختار المعارضة و البعض الآخر رحب بالمشاركة، و قدم "الديمقراطي" الكثير من التنازلات رغم تفوقه الانتخابي، وذلك من أجل المصلحة العليا للشعب، ولكن مع الأسف، عمل البعض لعدم إيمانهم بنتائج الانتخابات على عرقلة تشكيل الحكومة وتأجيله لحين انتظار نتائج الانتخابات العراقية، ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن بالنسبة لهم.
إن" الديمقراطي" دائما مع مشاركة الجميع ولكن دون فرض شروط مسبقة، وإنما الاستحقاق الانتخابي هو المعيار لتوزيع المناصب في كوردستان، وعلى صعيد العراق، فقد رأينا خلال الأيام الماضية استقبال الزعيم مسعود بارزاني لشخصيات عراقية، وحواره معهم حول تشكيل الحكومة الاتحادية، وقد أبدى الزعيم الكوردي خلال كلمته في مدينة دهوك خلال ملتقى الأمن و السلام، إلتزام حزبه بالدستور و تطبيق مواده، وخاصة المادة ١٤٠، وحل الخلافات العالقة الأخرى مثل ميزانية الإقليم، مؤكدا ضرورة أن يعمل الجميع على دعم الخدمات لجميع المواطنين من زاخو إلى الفاو، فهكذا يكون الحزب ديمقراطيا، وهكذا يكون الأول بين منافسيه، ويصبح ركيزة أساسية للديمقراطية في العراق.
