إنجازات برنامج ندلب 2025.. ريادة صناعية وأرقام قياسية في الصادرات السعودية
تثبت لغة الأرقام دوماً أنها الأصدق في قياس المسافات بين "الطموح" و"الواقع". وما كشف عنه معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية، الأستاذ بندر الخريف، خلال الحفل السنوي لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب)، ليس مجرد إحصائيات سنوية، بل هو توثيق لمرحلة "النضج الاقتصادي" التي تعيشها المملكة العربية السعودية تحت مظلة رؤية 2030.
طفرة في الناتج المحلي والاستثمارات غير الحكومية
لم يعد رهان المملكة على تنويع القاعدة الاقتصادية مجرد هدف استراتيجي مؤجل، بل أصبح واقعاً يقود قاطرة النمو الوطني. فمساهمة قطاعات برنامج "ندلب" بـ 790 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي، بمعدل نمو 5% عن العام الماضي، تعكس مرونة الاقتصاد السعودي وقدرته على التوسع المستدام.
إن الرقم الأكثر دلالة هو نجاح البرنامج في استقطاب استثمارات غير حكومية بقيمة 719 مليار ريال. هذا التدفق الرأسمالي يعكس تنامي ثقة القطاع الخاص المحلي والدولي في البيئة التنظيمية والتشريعية التي خلقتها المملكة، مما جعلها وجهة استثمارية صناعية منافسة على الخارطة العالمية.
"صُنع في السعودية".. اختراق الأسواق العالمية بامتياز
حين نتحدث عن وصول الصادرات إلى مستوى قياسي بلغ 307 مليارات ريال في النصف الأول من عام 2025، بنمو قدره 18%، فنحن نشهد ثمار منظومة متكاملة من التمكين. هذا الوصول للمنتج السعودي إلى 180 دولة حول العالم جاء مدعوماً بتسهيلات ائتمانية ضخمة من "بنك التصدير والاستيراد السعودي" بلغت 100 مليار ريال، مما عزز من كفاءة المصدر السعودي وقدرته على المنافسة في الأسواق الدولية الأكثر تعقيداً.
قاعدة صناعية متسعة وكوادر بشرية مؤهلة
لم تكن النهضة الصناعية لتكتمل دون بنية تحتية صلبة؛ فقفزة عدد المصانع من 7200 في عام 2016 إلى 12900 مصنع بنهاية الربع الثالث من 2025، تعني زيادة تقارب 80% خلال أقل من عقد. هذا التوسع الكمي واكبه تطور نوعي في خلق الفرص الوظيفية؛ حيث بلغت القوى العاملة في قطاعات البرنامج 2.5 مليون شخص، منهم 840 ألفاً في القطاع الصناعي، مما يؤكد دور الصناعة كمحرك رئيسي لتوطين الوظائف النوعية.
تعزيز المحتوى المحلي والإنفاق العسكري
من زاوية أخرى، يبرز ملف "المحتوى المحلي" كأحد أهم المكتسبات، حيث ارتفعت نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 24.8%. هذا التقدم نحو مستهدف الـ 50% لا يعكس نمواً مالياً فحسب، بل يجسد نقلة في القدرات التقنية والصناعية المتقدمة داخل المملكة، ويسهم في بناء قاعدة صناعية دفاعية وطنية صلبة.
الخاتمة: "ندلب" قاطرة الاقتصاد غير النفطي
إن مساهمة "ندلب" بنسبة 39% من الأنشطة غير النفطية تضع البرنامج في مركز الثقل للحراك التنموي السعودي. نحن أمام مشهد متكامل يربط بين ثروات الأرض (التعدين)، وقدرة الإنتاج (الصناعة)، وكفاءة الربط (الخدمات اللوجستية).
إن هذه الأرقام التي استعرضها "الوزير" هي شهادة نجاح لرؤية وضعت "الاستدامة والإنتاجية" كركيزتين أساسيتين، لتستمر المملكة في تعزيز مكانتها كقوة اقتصادية رائدة ومنصة لوجستية عالمية تربط القارات، معتمدة على سواعد أبنائها وقوة أرقامها.
