حسين متولى يكتب: ما الذى ينتظره إقليم كوردستان العراق من مصر؟
استقبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، السيد مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان العراق، وتبادلا الرؤى حول عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وأولها الحالة الأمنية في المنطقة حيث استعرض السيد الرئيس الرؤية المصرية لسبل استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة بالتأكيد، في حضور اللواء حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة، والسيد رايبوار أحمد، وزير داخلية إقليم كردستان العراق، والسيد محسن كمال، رئيس جهاز مخابرات إقليم كردستان العراق، حسبما أتاح بيان متحدث الرئاسة.
في واجهة العلاقات مع كوردستان، يبرز التأكيد المصري الدائم على دعمها المستمر للعراق ووحدة وسلامة أراضيه، وهي مسألة يتفق الكورد عليها، فط رسائل داخلية لكافة القوى السياسية العراقية وحكومة بغداد، معلنين دوما إصرارهم على الالتزام بالدستور واحترام النظام الفيدرالي، ومن هنا يحضر الحديث عن التحديات المشتركة للأجهزة المصرية والعراقية كافة في المجال الأمني، لإحلال الاستقرار بالمنطقة، فالعراق قوة اقتصادية تحميها التضحيات في مواجهة تنظيمات استغلت ظروفا استثنائية له بعد ما سمي بالربيع العربي، فكانت الحرب على داعش عنوانا لما ذهب إليه من شعور مشترك بالخطر، وكانت مصر سباقة في تقديم نموذج المواجهة مع قوى الشر، كما ظهرت بيشمركة كوردستان جنبا إلى جنب مع الجيش العراقي في الحرب ضد داعش.
يقدر رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني مصر ورئيسها جيدا، وقد أبدى حرصه خلال الزيارة على تعزيز علاقات التعاون مع المؤسسات المصرية، لإدراكه أن مصر دولة مؤسسات، ومن هنا يأتي الحديث مع قيادتها من منطلق المصالح المشتركة والمصير المشترك، مستندا إلى تاريخ من العلاقات والمواقف السياسية لا يخطئ راصدوه دور مصر في احترام الكورد وقادتهم دوما، لذا؛ نجد السيد مسرور بارزاني متطلعا للعمل مع الجهات المصرية، محددا أهداف حكومته أيضا في أن الحضور المصري إلى كوردستان في "القطاعات ذات الأولوية بالنسبة لحكومة الإقليم".
كل تعاون اقتصادي تذهب إليه مصر مع حكومات أخرى بالمنطقة ينطلق من ثقة نظامها بالقدرات الكبيرة للمؤسسات المصرية في مختلف المجالات، وأظن أن إشارة الرئيس السيسي لقطاعي الطاقة والبنية الأساسية، مقصود بها تصدير الخبرات المصرية لمجتمع يحتاجها ويقدرها، وهما من القطاعات التي تعني بنهضتها حكومة مسرور بارزاني في كوردستان خلال السنوات الأخيرة، ومصر بالفعل قادرة على إنجاز مشروعات رائعة بمواصفات عالمية وتكلفة تنافسية، ناهيك عن سرعة اندماج العمالة المصرية في مجتمع الاستثمار العراقي الكوردي، وتوافر أسباب نجاحها هناك، وقد قدمت حكومة بارزاني تسهيلات واسعة للمستثمرين تثير دهشة المغامرين منهم.
تحدث كثيرون حولي؛ عن غياب ممثلية دبلوماسية لإقليم كردستان وحكومته في مصر، في ظل وجود نظام فيدرالي عراقي، وهو شأن داخلي يقترن بحسابات البلد بكافة مكوناته، لكن عند الحديث عن تصدير الفرص الاستثمارية على طاولة الحوار يبدو التساؤل مشروعا: هل تطلب أربيل بالاتفاق مع الحكومة الاتحادية هذا الأمر ليكون نموذجا متكررا لدى حكومات الدول التى تتعاون معها وتقدم فرصا استثمارية لمجتمع الأعمال بها، كما تعزز التبادل التجاري والثقافي والفني من خلالها؟.
يذكر التاريخ حضور عائلات كوردية لأم الدنيا و تمصرها، كما ترصد سطوره لقاءات عبد الناصر و ملا مصطفى بارزاني عام 1958، ومبارك وزعيم الكورد مسعود بارزاني عام 2010، ولقاء الرئيس السيسي وبارزاني خلال قمة ميونخ للأمن، وجميعها شهدت تأكيدات مصرية على الحقوق الكاملة للكورد، كما يحضر الطلاب المبتعثون إلى مصر والأزهر بالمئات من بغداد أربيل، لكنها المرة الأولى التي يحضر رئيس حكومة إقليم كوردستان لبحث تعاون أكبر على كافة المستويات، ويستقبله الرئيس المصري شخصيا.
في تقديرى؛ ستكون هناك ترجمة فورية لمضمون اللقاء وهذه الزيارة التاريخية، فلن تفوت حكومة أربيل فرصة الاستفادة من تعاون مع مصر على أعلى المستويات في كافة المجالات، ولا يغيب عن ذهن الرئيس السيسي في كل لقاء مع نظرائه، رؤساء وملوك و أمراء، أو رؤساء حكومات، أن الحضور المصري في كل مكان يصنع نفوذا ناعما، وتاريخا ممتدا، ومحبة مستمرة لمصر، في كل مكان، وأن أولى الشعوب بالخبرات المصرية هم العرب والمسلمين والقوميات الكبرى، وأبناء القارة السمراء، وكل من يجمعنا بهم مصير مشترك و رؤية لمستقبل به من الرخاء والاستقرار ما يعزز حقوق الإنسان كافة ويحميها، فصورتها المنضبطة تتحقق بالتكامل والتعاون الاقتصادي في عالمنا المعاصر، والأمني أيضا؛ في مناطق تتهددها الأخطار.
إن العراق و إقليم كوردستان في انتظار الكثير من مصر، ومصر لديها الكثير دوما لتقديمه للأشقاء، وحماية أمنها القومي تبدأ دوما بدعمها استقرارهم والتعاون الكامل معهم في مختلف المجالات، وأظن أن الوقت قد حان لتقدير الموقف والانتصار لحسابات صحيحة واضحة، فإقليم كوردستان يفتح ذراعيه رسميا منذ اللحظة للحضور المصري في مختلف مناحي الاقتصاد، ولن تغيب معه فرص التأثير بعلماء مصر وصناعة الفارق في مجتمع أسس قائده مسعود بارزاني لحالة تسامح و تآخ واستقرار واضحة، ترفض معها حكومة مسرور بارزاني التفريط في أمن مواطنيها، وتحمي بكل السبل فرص النهوض التي تخدم قوة العراق بكافة مكوناته بالتأكيد.
