من الجيل الخامس إلى الفضاء.. الاتصالات السعودية ترسم ملامح المستقبل الرقمي
يشهد قطاع الاتصالات في المملكة العربية السعودية نقلة نوعية متسارعة، مدفوعة برؤية السعودية 2030 التي وضعت التحول الرقمي في صميم خطط تنويع الاقتصاد وتعزيز التنافسية.
ووفقًا لتقديرات مجموعة Imarc الدولية، لم تعد المملكة مجرد متلقٍ للتقنيات الحديثة، بل أصبحت لاعبًا مؤثرًا في صياغة مستقبل الاتصالات إقليميًا وعالميًا.
نمو قوي يعكس ثقة عالمية
أظهرت بيانات حديثة أن حجم سوق الاتصالات في السعودية بلغ نحو 16.8 مليار دولار خلال عام 2024، مع توقعات بارتفاعه إلى 22.7 مليار دولار بحلول عام 2033. ويعكس هذا النمو السنوي المركب ثقة المستثمرين الدوليين في قوة البنية التحتية الرقمية للمملكة واستدامة توسعها.
قفزة نوعية في تقنيات الجيل الخامس
في عام 2025، سجلت السعودية إنجازًا تقنيًا جديدًا بإطلاق خدمات الجيل الخامس المستقل (5G Standalone) على نطاق 600 ميجاهرتز، عبر شراكة بين زين السعودية وهواوي. وأسهمت هذه الخطوة في خفض زمن الاستجابة بنسبة 50%، إلى جانب مضاعفة سرعات الرفع عشر مرات، ما يعزز كفاءة التطبيقات الذكية والخدمات الرقمية المتقدمة.
ربط الأرض بالفضاء لتوسيع التغطية
على مستوى الاتصال العابر للحدود، وقعت stc اتفاقية استراتيجية بقيمة 175 مليون دولار مع شركة AST SpaceMobile لتقديم خدمات اتصال عبر الأقمار الصناعية مباشرة للهواتف المحمولة. وتهدف هذه الخطوة إلى ضمان تغطية شاملة للمناطق النائية، ودمج شبكات الفضاء مع الشبكات الأرضية، في إنجاز يعزز مفهوم السيادة الرقمية للمملكة.
المدن العملاقة كمختبرات للابتكار
تشكل المشاريع الكبرى مثل نيوم وذا لاين ومشروع البحر الأحمر محركات أساسية لتبني تقنيات إنترنت الأشياء (IoT). وتتحول هذه المشاريع إلى منصات عالمية لتجربة مفاهيم العيش الذكي، وإدارة المدن المعتمدة على البيانات والذكاء الاصطناعي.
تعزيز التكامل الإقليمي والبنية التحتية
في إطار توسيع الروابط الإقليمية، وقعت مجموعة stc وأوريدو عُمان اتفاقية مشروع SONIC لإنشاء شبكة ألياف بصرية برية دولية بين البلدين. ويسهم هذا المشروع في ترسيخ موقع السعودية كمركز إقليمي للبيانات وممر استراتيجي للكابلات البحرية العالمية.
بيئة تنظيمية جاذبة للاستثمار
أكدت Imarc أن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وهيئة الاتصالات والفضاء والتقنية تواصلان تطوير أطر تنظيمية مرنة، إلى جانب تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. وقد أسهم ذلك في تسريع نشر الشبكات الحديثة، ودعم نمو الحوسبة السحابية والأمن السيبراني، وجذب كبرى شركات التكنولوجيا العالمية لإنشاء مراكز بيانات داخل المملكة.
فرص واعدة رغم التحديات
ورغم التحديات المرتبطة بارتفاع تكاليف الاستثمار والحاجة المتزايدة إلى كوادر وطنية متخصصة في الذكاء الاصطناعي، ترى المجموعة أن الفرص المتاحة في مجالات الصحة الرقمية والمدن الذكية وأتمتة الصناعة تفتح آفاقًا غير مسبوقة للنمو المستدام.
السعودية نحو مركز رقمي عالمي
اختتمت Imarc تقريرها بالتأكيد على أن السعودية تستعد لقيادة المشهد الرقمي في الشرق الأوسط وأفريقيا، مشيرة إلى أن قطاع الاتصالات السعودي مرشح ليبقى معيارًا للتميز الرقمي، بفضل الجمع بين الاستثمار الضخم والابتكار المستمر، والالتزام بتحقيق أهداف رؤية 2030، لترسيخ مكانة المملكة كمحور رقمي عالمي يربط القارات الثلاث.
