بوابة بالعربي الإخبارية

سامر شقير يكتب: أفق الاستثمار السعودي في 2026.. فلسفة تتجاوز حدود التملك

الأحد 28 ديسمبر 2025 10:57 صـ 8 رجب 1447 هـ
سامر شقير
سامر شقير

بينما نقف اليوم على مشارف عام 2026، يبدو المشهد الاقتصادي السعودي وكأنه يطوي صفحة "البناء والتأسيس" ليفتح فصلاً أكثر عمقاً ونضجاً، حيث لم يعد الرهان قائماً على مجرد التوسع العمراني أو زيادة الرقعة الإنشائية، بل بات يتركز حول جودة "القيمة" التي يتم خلقها داخل هذه المساحات. إننا ننتقل بخطى واثقة من عصر كان فيه الاستثمار يُقاس بمدى الحيازة المادية والأصول الثابتة، إلى عصر اقتصاد الرفاهية الذي يعيد تعريف الثروة بناءً على تجربة الإنسان وحيويته، فالمراقب لمسار التحول يدرك أن ما كان يُعتبر بالأمس أصولاً فاخرة لمجرد موقعها، أصبح اليوم يحتاج إلى "روح تشغيلية" وبيئة مجتمعية متكاملة كي يحافظ على جاذبيته وملاءته في ظل معايير السوق الجديدة.

نضج السلوك المالي في 2026.. عندما يتفوق الاستثمار في "نمط العيش" على هوس التملك الجغرافي التقليدي

ومع اقترابنا من عام 2026، نجد أن سيكولوجية المستثمر في المملكة بدأت تشهد انعطافاً ذكياً، حيث تراجع الاهتمام بالاستثمار في القوالب الصماء لصالح الاستثمار في "نمط الحياة" والخدمات المبتكرة التي تمنح الوقت والرفاهية معنى حقيقياً. هذا التغير السلوكي ليس مجرد موجة عابرة، بل هو استجابة واعية لواقع يفرض فيه التميز نفسه من خلال الاستدامة، والحلول الذكية، والارتقاء بجودة العيش، إذ إن الحكمة المالية في المرحلة القادمة تنحاز بوضوح للأصول التي توفر نظاماً بيئياً متكاملاً يربط بين السكن والعمل والترفيه في نسيج واحد، مما يجعل القيمة الحقيقية تكمن في الرفاهية المستدامة لا في مجرد حيازة الأصول التقليدية.

فلسفة المعنى في قلب العاصمة.. الرياض كمختبر عالمي لتحويل المشاعر الإنسانية إلى عوائد اقتصادية

وتقوم فلسفتي في قراءة هذا التحول التاريخي على أن رأس المال الذكي يبحث دائماً عن "المعنى" قبل "المبنى"، والرياض في عام 2026 مرشحة لتكون العاصمة العالمية لهذا المفهوم، حيث تتحول من مركز لجذب الشركات إلى موطن دائم للكفاءات التي تبحث عن بيئة تغذي شغفها وترفع من جودة يومها. هذا الواقع يتطلب نظرة استراتيجية تتجاوز الحسابات المالية الجامدة لتشمل فهم سيكولوجية المجتمع الجديد، فالاستثمار في السعودية اليوم هو استثمار في بناء مجتمعات حية ومترابطة، حيث تصبح المشاعر الإنسانية الإيجابية والشعور بالرفاهية هي المحرك الأساسي لتدفق السيولة ونمو العوائد، وهو ما يحول الأصول من مجرد أرقام في المحافظ إلى محركات فعلية للنمو الاقتصادي والاجتماعي.

خاتمة الرؤية: السعودية ترسم ملامح المستقبل حيث يلتقي طموح الاستثمار بكرامة وجودة حياة الإنسان

في نهاية المطاف، ونحن نستقبل العام الجديد، ندرك أن مفهوم "الأصل الفاخر" في المملكة قد أعيدت صياغته ليكون انعكاساً لمستوى الرفاهية التي يمنحها للإنسان، ولم يعد النجاح الاستثماري يُقاس بالقدرة على الشراء والانتظار، بل بالقدرة على الابتكار وخلق التجارب التي لا تُنسى. إن المستقبل في 2026 وما بعدها ينحاز لأولئك الذين استوعبوا أن الثروة الحقيقية هي التي تُبنى حول سعادة الإنسان وإنتاجيته، مؤكدين أن السعودية لا تقدم للعالم مجرد مشاريع كبرى، بل تقدم نموذجاً جديداً للحياة والاستثمار، حيث تلتقي الأصالة بالرفاهية لتصنع اقتصاداً يضع "الإنسان" دائماً في قلب المعادلة.