بعد ”فيروس سي”:.. الحكومة تستعد لإعلان مصر خالية من الجذام

عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا هامًا اليوم لمتابعة جهود واستعدادات الحكومة للإعلان المرتقب عن القضاء التام على مرض الجذام في مصر. حضر الاجتماع عدد من الوزراء والمسؤولين البارزين، من بينهم الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان، والدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، والدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، والمهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بالإضافة إلى محافظي الإسكندرية والقليوبية ومسئولي الوزارات والجهات المعنية.
التنمية المستدامة والنجاح المصري في مكافحة الأمراض
أكد رئيس الوزراء في مستهل الاجتماع أن الاهتمام بالخدمات الصحية المتنوعة يشكل بُعدًا أساسيًا في تحقيق التنمية المستدامة بجميع جوانبها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. وشدد على ضرورة تعزيز السياسات الرامية إلى تأمين حياة صحية للأفراد، والقضاء على الأمراض المعدية وغير المعدية، فضلاً عن مساعدة المتعافين على استعادة حياتهم الطبيعية وتقديم مختلف أوجه الدعم لهم وإدماجهم الكامل في المجتمع.
وصرح الدكتور مصطفى مدبولي بأن الدولة المصرية، التي نجحت في أن تصبح رائدة عالميًا في القضاء على فيروس التهاب الكبد الوبائي "سي" و"بي"، وكذلك الملاريا وشلل الأطفال وغيرها من الأمراض، ستتمكن بحول الله من القضاء على مرض الجذام وإعلان مصر خالية منه بشكل كامل.
استراتيجية وزارة الصحة لمكافحة الجذام: اكتشاف مبكر وعلاج متكامل
في هذا السياق، استعرض الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، جهود الوزارة المكثفة لمكافحة مرض الجذام. وأوضح أن وزارة الصحة تتبنى منهجية محددة تتماشى مع الاتجاه العالمي للقضاء على هذا المرض. وتتركز هذه المنهجية على تقديم خدمة متكاملة تشمل الاكتشاف المبكر للحالات وعلاجها الفعال عن طريق الترصد المستمر للمرض وتوفير العلاج النوعي.
يتم ذلك من خلال إدارة مكافحة الجذام التابعة لقطاع الطب الوقائي بالوزارة، عبر 27 عيادة للأمراض الجلدية والجذام منتشرة في أنحاء الجمهورية. بالإضافة إلى الجانب الطبي، أكد الوزير على توفير الدعم الاجتماعي والنفسي للمتأثرين من المرض لإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع. ويتم ذلك عبر تدريب الأطباء والتمريض والأخصائيين الاجتماعيين على تأهيل المرضى طبيًا ونفسيًا واجتماعيًا لضمان دمجهم الكامل في نسيج المجتمع.
"صفر حالات جذام بحلول 2030" وإلغاء مستعمرات العزل
أضاف الوزير أن رؤية الوزارة في ملف مكافحة الجذام تتمثل في الوصول إلى صفر حالات جذام بحلول عام 2030، من خلال منهجية العمل التي تتبناها وزارة الصحة والسكان وجهودها في الاكتشاف المبكر وعلاج الحالات.
ولفت الدكتور خالد عبد الغفار إلى أن رؤية الوزارة تتماشى مع الرؤى والسياسات العالمية الحديثة، مؤكدًا أن جميع مستعمرات الجذام على مستوى العالم قد تم إلغاؤها، وأنه لا داعي لعزل مرضى الجذام. وأوضح أن المرض، بمجرد تناول الجرعة الأولى من العلاج، يصبح غير معدٍ، ويمكن للمريض أن يتلقى العلاج في أي مستشفى عام. وشدد على أن "الجذام مرض جلدي كسائر الأمراض الجلدية".
وفي هذا الصدد، تحدث الوزير عن مستعمرتي الجذام بأبي زعبل والعامرية. وأشار إلى أن جميع المرضى الموجودين حاليًا بمستعمرة الجذام بالإسكندرية متعافون من المرض ولا توجد لديهم حالات نشطة تستدعي العزل، ويمكنهم مغادرة المستعمرة والاندماج في المجتمع مع المتابعة الدورية في العيادات الخارجية. كما أن معظم المرضى بمستعمرة أبي زعبل يعتبرون مرضى عيادات خارجية ويمكن أن يتلقوا خدماتهم العلاجية في أي مستشفى عام أو مركزي.
إلغاء عزل المرضى واستبدال عيادات الجذام بعيادات جلدية تخصصية
استعرض الوزير خلال الاجتماع الإجراءات المتخذة من أجل عدم عزل مرضى الجذام، مؤكدًا أن ذلك يتنافى مع معايير حقوق الإنسان ويتواكب مع التوجه العالمي لإلغائه. كما أشار إلى الاستغناء عن مسمى عيادات الجذام على مستوى الجمهورية واستبدالها بعيادات الجلدية التخصصية في ضوء كونه مرضًا جلديًا مثل باقي الأمراض الجلدية. وأكد الاستمرار في دراسة الحالات الموجودة بالمستعمرات وتقديم الدعم الطبي والنفسي والنقدي والاجتماعي اللازم لها.
جهود المحافظات ووزارة التضامن لدعم المتعافين
من جانبه، أكد محافظ الإسكندرية أن عدد المرضى بمستعمرة الجذام بالعامرية يبلغ نحو 26 مريضًا تم شفاؤهم وعلاجهم بالكامل من مضاعفات المرض، وتم تأهيلهم اجتماعيًا ونفسيًا.
وبدوره، أوضح محافظ القليوبية أن أعداد المرضى في تناقص مستمر، نظرًا لأن مستشفى أبي زعبل لا تستقبل حالات جديدة للحجز، وذلك لتغير طريقة علاج المرض.
وأوضحت الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي، أنه تم إجراء مسح اجتماعي للمرضى في القليوبية، مشيرة إلى أنهم يحصلون على الدعم النقدي "تكافل وكرامة"، باستثناء نسبة قليلة لديهم دخل بالفعل، سواء من المعاش التأميني أو غيره.
وأضافت أنه بالنسبة للمرضى في الإسكندرية، يوجد عدد قليل جدًا من الحالات، ويحصل الجزء الأكبر منهم على دعم "تكافل وكرامة". وأكدت حرص الوزارة على توفير خدمات الدعم الاجتماعي لجميع الحالات طبقًا لنتائج المسح الاجتماعي، والتي تتضمن تأهيل المرضى ودمجهم في المجتمع مع توفير فرص عمل مناسبة للحالات القادرة منهم.
توجيهات رئيس الوزراء: تكثيف الجهود وتوفير الرعاية الكاملة للمتعافين
في ختام الاجتماع، وجه رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، بتكثيف الجهود المشتركة بين جميع الجهات المعنية للوصول إلى هدف "صفر حالات جذام". كما وجه أيضًا بتوفير الرعاية الكاملة والمتكاملة للمتعافين من المرض، وتقديم الدعم النقدي والاجتماعي المطلوب لضمان عودتهم الفاعلة إلى المجتمع.