الخميس 31 يوليو 2025 12:54 مـ 5 صفر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

من ثورة رقمية إلى نظام مؤسسي.. رحلة ”بتكوين” نحو قلب الأسواق التقليدية

الأربعاء 30 يوليو 2025 10:43 صـ 4 صفر 1447 هـ
بتكوين
بتكوين

هذا الخبر برعاية

تتحول "بتكوين" تدريجياً من عملة مشفرة كانت في بداياتها تحت هيمنة منصات تداول خارجية ومضاربات الأفراد، إلى أصل مالي يُدار ويُسعَّر ضمن النظام المالي الأمريكي التقليدي.

ويمثّل صندوق "آي شيرز بتكوين ترست" (IBIT) التابع لشركة "بلاك روك" محور هذا التحول، حيث أصبح أهم أداة استثمارية في سوق عقود الخيارات المرتبطة بالعملة المشفرة.

تحوُّل استراتيجي في التداول

بدأت صناديق مثل "IBIT" تُعيد تشكيل الطريقة التي تُتداول بها "بتكوين"، من خلال استخدام أدوات مالية تقليدية مثل عقود الخيارات المدرجة في البورصة.

هذا التغيير منح المؤسسات الاستثمارية موطئ قدم قوي في سوق لطالما كانت حكراً على المستثمرين الأفراد. ومع ارتفاع حجم العقود المفتوحة المرتبطة بالصندوق إلى أكثر من ثلاثة أضعاف منذ بداية العام، فإن "IBIT" يتحول إلى مرآة رئيسية لتسعير مخاطر سوق العملات المشفرة.

حجم تداول يومي للصندوق وصل إلى نحو 4 مليارات دولار، متجاوزاً بذلك العديد من الصناديق الكبرى في أسواق السندات والأسواق الناشئة، ولا يتفوق عليه في النشاط سوى صناديق الأسهم الأميركية والذهب والشركات صغيرة رأس المال.

مؤسسات مالية تتبنى بتكوين

أظهرت الإفصاحات التنظيمية أن عدد المؤسسات التي تستثمر في "IBIT" قد تضاعف تقريباً منذ نهاية 2024، ما يعكس التسارع في دخول المستثمرين التقليديين.

وتحوّل تركيز المستثمرين من المضاربات السريعة إلى استراتيجيات أكثر تعقيداً كالتحوط وإدارة التقلبات.

التحول لا يقتصر على أسلوب التداول فحسب، بل امتد إلى التوزيع الجغرافي لحركة الأسعار. فبحسب بيانات شركات متخصصة، باتت نسبة التداولات التي تتم خلال ساعات العمل الأمريكية تتجاوز 57%، في حين أن نصف التداولات الفورية تمر من خلال صناديق بتكوين المدرجة في البورصة الأميركية.

قيود تحد من التوسع

رغم الزخم، يواجه سوق خيارات "IBIT" تحديات تنظيمية، أبرزها الحد الأقصى الحالي للمراكز الاستثمارية البالغ 250 ألف عقد. ويطالب اللاعبون في السوق برفع هذا السقف لعشرة أضعاف لتوفير مساحة أكبر للاستراتيجيات الاستثمارية الواسعة النطاق.

بورصة "ناسداك" قدمت بالفعل مقترحاً بذلك، ويُتوقع صدور قرار لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بشأنه في سبتمبر المقبل.

ويُنظر إلى رفع الحد كخطوة مفصلية لتعزيز السيولة وإتاحة المجال لمؤسسات أكبر لدخول السوق.

الدمج في النظام المالي التقليدي

استحواذ "كوين بيس" على منصة "ديريبت" للمشتقات بقيمة 2.9 مليار دولار يُعد خطوة أخرى نحو توحيد الأسواق الرقمية والمالية.

ويجري حالياً العمل على تقليص الفجوة بين المنصات من خلال تسهيل حركة الضمانات ووضع أطر موحدة للمخاطر.

في المحصلة، تتحول "بتكوين" إلى جزء لا يتجزأ من النظام المالي الأميركي، مدفوعة بصناديق مثل "IBIT" التي تسهم في تحويل المشهد من تجربة خارجة عن النظام إلى أداة خاضعة لضوابط الاستثمار المؤسسي.

وقد يصبح هذا التحول تمهيداً لتحول أكبر في كيفية التعامل مع الأصول الرقمية مستقبلاً.

كما قال أحد المتخصصين في السوق: "في المستقبل، قد لا تُعتبر العملات المشفرة قطاعاً منفصلاً، بل امتداداً طبيعياً للأسواق المالية التقليدية".