أزمة دولية .. أرز البسمتي يشعل صراع الهند وباكستان

تسبب الخلاف التجاري بين الهند وباكستان بشأن أحقية استخدام العلامة التجارية لأرز "البسمتي" في تصاعد التوترات بين البلدين، في وقت زادت فيه تعقيدات هذا الخلاف بعدما ألقى بظلاله على مفاوضات الهند لإبرام اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي.
الأرز البسمتي
ويحتل البلدان في جنوب آسيا صدارة أكبر منتجي العالم من تلك النوعية من الأرز، وتدعي كل بلد أحقيتها في الاستخدام الحصري للعلامة التجارية "بسمتي"، ويسعيان إلى تقييد تسمية علامة "بسمتي" لتقتصر على منطقة محددة، وهو ما يتيح للمنتجين في تلك المنطقة تحصيل علاوة سعرية.
ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن مسؤولين أوروبيين قولهم إن مفاوضي الاتحاد الأوروبي، الذين يزورون نيودلهي حالياً للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الهند، تعرضوا لضغوط ليقبلوا حق الهند في استخدام علامة "بسمتي".
بيد أن مثل ذلك الإجراء قد يتسبب في حدوث أزمة دبلوماسية مع إسلام أباد، لذا فإن بروكسل مالت لاستهلاك الوقت، حسب أحد المسؤولين.
الأرز البسمتي في سوق الاتحاد الأوروبي
وتقول الصحيفة، انتظرت الهند سبع سنوات حتى يتم الاعتراف بطلبها لحماية مصطلح "الأرز البسمتي" في سوق الاتحاد الأوروبي، ويبدو أن صبرها شارف على النفاد.
في عام 2023، تقدمت باكستان بطلب منافس لتعريف مناطق إنتاج الأرز لديها ووسائل زراعته، بما يشمل أربع مقاطعات في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الجانبين".
ولفت مسؤولو الاتحاد الأوروبي إلى ان الموافقة على ادعاءات باكستان سوف تؤدي إلى اعتراف الأمر الواقع بمزاعمها بالسيادة على تلك الأراضي، هو الأمر الذي سيثير غضب نيودلهي.
النزاع بين الهند وباكستان
وقد ظل محصول الأرز "البسمتي"، بالنسبة لكلا الدولتين الهند وباكستان، رمزا للفخر الوطني وهو المحصول الأكثر زراعة في أودية وحقول إقليم البنجاب التاريخي، منطقة سلة الغذاء المقسمة الآن بين الخصمين اللدودين الذين خاضا حروباً عديدة على إقليم كشمير المتنازع عليه.
في مطلع الألفية، دعمت باكستان الهند في مسعاها لدحض حقوق الملكية لأرز بسمتي، حصلت عليه شركة "رايس تيك" الأمريكية ومقرها ولاية تكساس، وقد اتهمت الدولتان الآسيويتان في ذلك الوقت أنهما بارتكاب "قرصنة بيولوجية". وقد عملا سوياً وأطلقا جماعات عمل لتقديم ملف مشترك إلى الاتحاد الأوروبي.
بيد أن الآمال التي تعالت لدى الاتحاد الأوروبي بأن البلدين سوف تعملان سوياً، تلاشت بعد نزاعهما في أواخر عام 2008.
وتسبب ذلك في تسميم الأجواء والرغبة في التعاون لدى الجانبين، وامتد الأمر حتى إلى المصالح الاقتصادية المتبادلة فيما بينهما. من جانبها، قامت الهند في عام 2018، بالتقدم بطلب يؤكد ملكيتها الوحيدة للعلامة التجارية "بسمتي"، الأمر الذي أغضب باكستان.
وبرغم أن الطلب الباكستاني أقر بأن نوعية الأرز البسمتي تنمو أيضاً في بعض المناطق في الهند، فإن نيودلهي لازالت تسعى إلى ملكية فردية لنوعية الأرز، بما قد يضر بالمصدرين الباكستانيين الذين يعتمدون على مصطلح "بسمتي" لبيع محصولهم من هذه الحبوب.
مفاوضات الاتحاد الأوروبي وباكستان
يقول وفد الاتحاد الأوروبي في باكستان في بيان له "تسيير الإجراءات المتعلقة بالطلبين الهندي والباكستاني على نحو مواز"، مبيناً أن كلا الطلبين الراغبين في الحصول على علامة تجارية محمية ذات بعد جغرافي "يُعاملان بعناية"، وأن المفوضية الأوروبية تدرك "الطبيعة الحساسة لهما".
وتنقل "فاينانشيال تايمز" عن مدير الصادرات في شركة "مطاحن لطيف للأرز" في لاهور، إبراهيم شفيق، قوله إن طلب الهند للحصول على حق حصري لعلامة تجارية حصرية جغرافية سيعني أن البائعين الباكستانيين سيفقدون حقهم في العلامة بأن حبوبهم تصنف كأرز "بسمتي"، وبالتالي فإنهم "يفقدون كل من السعر المميز وحصة السوق".
ويشير شفيق إلى أن الأرز البسمتي يباع في الأسواق بسعر أعلى بنحو 200 إلى 300 دولار للطن مقارنة بالأصناف التقليدية، قائلاً إن ذلك "سيكون نجاحاً كبيراً بالنسبة لنا وللمصدرين الآخرين للأرز البسمتي في بلادنا بوجه عام".
تشير الصحيفة البريطانية إلى أن مسؤولي التجارة الخارجية في العاصمة الهندية نيودلهي لم يردوا على طلباتها للتعليق.
كان وزير التجارة الهندي، بيوش جويال، قال الجمعة الماضي في أعقاب زيارة الوفد التجاري للاتحاد الأوروبي إن بلاده تعمل مع التكتل لإتمام اتفاقية تجارة حرة "تعود بالنفع على الشركات والمستهلكين في الجانبين."