التضخم يفرض شروطه... هل يخفض المركزي المصري الفائدة قريبًا؟

قدم "دويتشه بنك" توقعات بشأن أسعار الفائدة في مصر، حيث توقع أن يقدم البنك المركزي المصري على خفض أسعار الفائدة بمقدار 4% خلال ما تبقى من عام 2025، على أن تبدأ أولى خطوات الخفض في أغسطس المقبل بنسبة قد تصل إلى 2%، بشرط استمرار تراجع معدلات التضخم وعدم ظهور مخاطر تضخمية جديدة.
لكن البنك الألماني حذّر من أن هذا التوجه مرهون بقراءات التضخم القادمة، خاصة في ظل ارتفاع المخاطر المرتبطة بالإجراءات المالية الحكومية، مثل رفع أسعار الوقود والإصلاحات الضريبية، والتي قد تترجم إلى زيادات في الأسعار المحلية.
الإصلاحات تمنح مساحة للتحفيز النقدي
ورأى "دويتشه بنك" أن الإصلاحات الهيكلية الجارية في مصر تتيح للبنك المركزي هامشًا جيدًا للتحرك نحو سياسة نقدية تيسيرية، خاصة في ظل تسجيل الاقتصاد لمعدلات نمو قوية، حيث بلغ معدل النمو 4.8% في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ2.4% قبل عام.
وأكد البنك أن هذه الديناميكية الإيجابية تمنح مصر فرصة لتحقيق توازن بين كبح التضخم من جهة، وتحفيز النمو من جهة أخرى، رغم التحديات المرتبطة ببرنامج الإصلاح المالي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
ضغوط تضخمية قادمة من عدة جبهات
وحذّر "دويتشه بنك" من أن التضخم في مصر لا يزال عرضة للعديد من الضغوط، وعلى رأسها تقلبات سعر الصرف، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية العالمية، وتراجع عائدات قناة السويس، وكذلك موجات التخارج من الأسواق الناشئة.
كما لفت إلى احتمالات انتقال الأثر التضخمي الناتج عن تعديلات تشريعية مثل إصلاحات ضريبة القيمة المضافة إلى الأسعار النهائية للمستهلك، مما يجعل من الضروري مراقبة التضخم غير الغذائي عن كثب.
وفي المقابل، أشار إلى وجود بعض العوامل التي قد تسهم في كبح التضخم، مثل استمرار انخفاض أسعار الغذاء، إلا أنه اعتبر ذلك سيناريو غير مرجح في غياب دعم حكومي كبير أو تدخل مباشر لتحديد سقوف للأسعار.
البنك المركزي يفضّل الحذر والترقب
وفي اجتماعه خلال يوليو، قرر البنك المركزي المصري تثبيت أسعار الفائدة رغم تراجع التضخم بشكل غير متوقع إلى 14.9% في يونيو مقارنة بـ16.9% في مايو. وعلل البنك هذا القرار بانتهاج سياسة "الترقب وتقييم النتائج"، في ظل حالة عدم يقين عالمية متزايدة.
ورصد "دويتشه بنك" أبرز ما جاء في بيان لجنة السياسة النقدية، الذي أشار إلى استمرار التوترات الجيوسياسية العالمية، مما يبقي على مخاطر ارتفاع التضخم، ويدفع نحو تبني سياسة نقدية حذرة حتى تتضح آثار الإجراءات المالية الأخيرة على الاقتصاد.
توقعات التضخم حتى 2026
توقع "دويتشه بنك" أن يدور متوسط التضخم العام في مصر بين 15% و16% بنهاية العام الحالي، وأن يبدأ في التراجع بشكل تدريجي خلال عام 2026، بشرط ثبات المكونات غير الغذائية من التضخم وعدم حدوث صدمات سعرية جديدة.
كما جدد البنك المركزي المصري استهدافه تحقيق معدل تضخم عند 7% ± 2% في المتوسط خلال الربع الرابع من 2026، أي ضمن نطاق يتراوح بين 5% و9%.
لكن "دويتشه بنك" رجّح أن يكون التضخم أقرب إلى الحد الأعلى من هذا النطاق، متوقعًا أن يسجل معدلًا يتراوح بين 9% و10% بنهاية الفترة المستهدفة، مما يعكس استمرار بعض الضغوط السعرية في الأجل المتوسط.