رائحة العفن والدم والعرق.. فضح الانهيار الكامل لمرافق السجون الإسرائيلية
كشف تقرير خطير نشره مكتب المحامي العام في إسرائيل يوم الخميس عن واحدة من أسوأ أزمات السجون والاحتجاز في تاريخ البلاد، موثقًا مستويات غير مسبوقة من الاكتظاظ وتردي الظروف المعيشية والصحية، إضافةً إلى قصور حاد في الرعاية الطبية والنفسية داخل 43 سجنًا ومركز احتجاز.
انهيار نظام السجون الإسرائيلية
ويستند التقرير إلى زيارات ميدانية رُصدت خلال عامي 2023 و2024، وأظهرت أن نظام السجون يعمل فوق طاقته بكثير، مدفوعًا بالارتفاع الكبير في الاعتقالات منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.
ووفق التقرير، فإن الزنازين المكتظة أصبحت مشهدًا مألوفًا لدرجة أن السجناء يضطرون لتسلق بعضهم البعض للتحرك. كثيرون ينامون على أرضيات إسمنتية أو على مراتب رقيقة لأسابيع، بينما تنتشر الحرارة الخانقة والحشرات مثل بقّ الفراش والصراصير في العديد من المرافق، حتى إن سجناء جمعوا الحشرات في مرطبانات لإظهار حجم المشكلة للمفتشين.
مع نهاية عام 2024، بلغ عدد السجناء نحو 23 ألفًا، متجاوزًا الحد القانوني البالغ 14,500 سجين، بزيادة تقارب 60% منذ بدء الحرب. وعلى الرغم من قانون الطوارئ الصادر في أكتوبر 2023، الذي سمح بتجاوز الحد الأدنى للمساحة المقررة لكل سجين، فإن التدابير لم تكن كافية لتخفيف الضغط عن النظام.
اكتظاظ السجون الإسرائيلية
وتقول مصلحة السجون الإسرائيلية إن أزمة الاكتظاظ معروفة منذ سنوات، وتخضع لإشراف المحكمة العليا منذ قرارها عام 2017 بشأن شروط الحد الأدنى للمعيشة، مؤكدة أن المسؤولية تقع على جميع مؤسسات الدولة.
ومع ذلك، تفيد بأن إضافة آلاف المعتقلين الأمنيين من غزة والضفة الغربية خلال "عملية القيامة" فاقمت الوضع إلى مستويات غير مسبوقة، إذ ما زال أكثر من 9000 سجين أمني محتجزين لديها—ضعف عددهم قبل الحرب.
ورصد التقرير مشاهد صادمة في منشآت متعددة: ففي سجن أبو كبير، ضمّت زنزانة مخصصة لستة سجناء 12 فردًا. وفي نيتسان، كان الاكتظاظ شديدًا لدرجة أن المفتشين لم يستطيعوا دخول بعض الغرف.
وفي سجن ريمونيم، نام السجناء على الأرض لشهر كامل، بينما عانى نزلاء سجن معسياهو من حرارة خانقة وسقوط متكرر للمسنين بسبب ضيق المساحة.
أما في سجن نفيه ترتسا للنساء، فقد وصف التقرير الوضع بأنه "خطير للغاية"، حيث تُعزل السجينات ذوات الحالات النفسية الحادة في زنازين قاسية بدل تلقي علاج متخصص، ما أدى إلى سلوكيات انهيار واضحة.
وبحلول أواخر 2024، كان نحو 4500 سجين ينامون بلا أسرّة، بينهم 1300 جنائي وأكثر من 3000 أمني.
واحتُجز أكثر من 90% من السجناء الأمنيين في مساحات أقل من الحد الأدنى القانوني، يقضون 23 ساعة يوميًا في زنازين مظلمة، ويعانون من الجوع والإغماء وسوء المعاملة.
كما امتدت الأزمة إلى مراكز الشرطة، حيث احتُجز معتقلون لأيام في مرافق غير مهيأة، مع حمامات قذرة وانعدام للتهوية وفقدان كامل للرعاية الطبية الأساسية، ما يعكس انهيارًا شاملًا في منظومة الاحتجاز الإسرائيلية.
