السبت 20 ديسمبر 2025 05:45 مـ 29 جمادى آخر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

الاستثمار في السعودية.. من أرقام «أبشر 2025» إلى طموح «رؤية 2030»

السبت 20 ديسمبر 2025 12:22 مـ 29 جمادى آخر 1447 هـ
سامر. شقير - رائد استثمار وعضو مجلس التنفيذيين اللبنانيين بالرياض
سامر. شقير - رائد استثمار وعضو مجلس التنفيذيين اللبنانيين بالرياض

​لم تكن الأرقام التي ساقها معالي المهندس خالد الفالح، وزير الاستثمار، خلال مؤتمر "أبشر 2025"، مجرد استعراض دوري لمنجزات قطاع، بل هي في جوهرها إعلان عن بلوغ رؤية المملكة 2030 مرحلة "النضج الاستثماري" الشامل. نحن اليوم أمام مشهد يعيد تعريف الجاذبية الاقتصادية للمملكة، محولاً إياها إلى قوة استثمارية عالمية كبرى تتحرك وفق بوصلة استراتيجية دقيقة رسمها سمو ولي العهد، لتصبح الرياض وجهة لا غنى عنها في خارطة الاقتصاد الدولي الجديد.


​هيكلة الثقة.. ثمرة الرؤية

​إن القفزة النوعية في عدد المستثمرين الأجانب لتصل إلى 58 ألف مستثمر، وتضاعف حجم الاستثمارات الأجنبية أربع مرات، ليس طفرة عابرة أو نتاج مصادفة، بل هو "النتاج الهيكلي" لعملية إعادة هندسة شاملة لبيئة الأعمال انطلقت مع صافرة البداية لـ رؤية 2030. هذه الرؤية التي لم تكتفِ بجذب رؤوس الأموال الضخمة، بل جعلت من "الاستثمار" حقاً متاحاً وممكناً لرواد الأعمال السعوديين قبل غيرهم، محولةً الابتكار من شعار عريض إلى ممارسة يومية في قطاع الأعمال الحالي والمستقبلي.


​السيادة الرقمية وفك الارتباط النفطي

​في قراءة تحليلية لحديث الفالح، نجد أن مساهمة الاقتصاد الرقمي بنسبة 15% من الناتج المحلي الإجمالي هي الدليل القاطع على نجاح الرؤية في تحقيق أحد أصعب مستهدفاتها: فك الارتباط التاريخي بأسعار النفط. إن ريادة القطاعين الأمني والعدلي في مسيرة التحول الرقمي قد منحت الاستثمار في السعودية ميزة تنافسية نادرة، وهي "الموثوقية السيادية"؛ حيث أصبحت البيانات المتينة والعدالة الناجزة هي الضمانات الحقيقية التي جعلت الاقتصاد غير النفطي السعودي ينمو بمعزل عن تقلبات أسواق الطاقة التقليدية.


​هندسة الفرص.. من التمكين إلى الصناعة

​ما كشف عنه الوزير من توفر آلاف الفرص الاستثمارية عبر وزارة الاستثمار، ومنصة "فرص"، وصندوق الاستثمارات العامة، يبرهن على أن رؤية 2030 نجحت في خلق نظام "إيكولوجي" متكامل للاستثمار. أن تبدأ الفرص من مشروعات ناشئة بـ 50 ألف ريال لتصل إلى صناعات سيادية كبرى مثل مصانع الطائرات بمليارات الدولارات، فهذا يعني أن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار -التي تضع لمساتها الأخيرة- هي المحرك التنفيذي لتحويل طموحات الرؤية إلى واقع صناعي وتقني ملموس.


​كلمة أخيرة

​المملكة اليوم، بلغة الأرقام والواقع التي استعرضها خالد الفالح، تؤكد أنها لا تنتظر المستقبل بل تصنعه. إن تحول السعودية إلى قوة استثمارية كبرى هو تجسيد حي لـ رؤية المملكة 2030 التي جعلت من الاستثمار ركيزة أساسية، ليس فقط لزيادة الناتج المحلي، بل لإعادة صياغة دور المملكة كقائد اقتصادي عالمي في عصر الابتكار والرقمنة.