الذهب يقود الأسواق العالمية في 2025 بتجاوز 4500 دولار للأوقية
واصل الذهب أداءه الاستثنائي في عام 2025، مسجلاً ارتفاعاً سنوياً تجاوز 70% ووصل سعر الأوقية إلى 4562.2 دولار حتى نهاية تداولات يوم الجمعة 26 ديسمبر، مع تجاوز عدة مستويات قياسية تاريخية، ليؤكد مكانته كملاذ آمن ومخزن للقيمة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي العالمي.
ويُعزى هذا الأداء القوي إلى مزيج من العوامل، أبرزها الطلب المستمر من البنوك المركزية التي واصلت تعزيز احتياطياتها من الذهب للعام الثالث على التوالي، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط ومناطق أخرى، وتراجع الدولار الأمريكي، وتوقعات بخفض أسعار الفائدة، ما دفع المستثمرين إلى التوجه نحو الذهب كأصل آمن ووسيلة للتحوط.
وساهم الزخم الاستثماري من صناديق المؤشرات المتداولة والمستثمرين الأفراد والمؤسسيين في دفع الأسعار إلى مستويات قياسية. كما لعبت التوترات غير التقليدية المتعلقة بالرسوم الجمركية في الولايات المتحدة دوراً في اضطراب السوق خلال منتصف العام، لا سيما بعد إعلان هيئة الجمارك الأمريكية فرض رسوم على واردات الذهب السويسري بنسبة 39%، قبل أن تُلغى هذه الرسوم لاحقاً، ما تسبب في تقلبات حادة وأسعار قياسية قصيرة الأمد.
ورغم تراجع المخاوف الجمركية، يرى الخبراء أن الأثر النفسي للأزمة مازال قائماً، حيث يمكن أن تؤدي المخاوف إلى زيادة أنشطة التحوط والتداول، وربما إعادة توجيه بعض التداولات إلى أسواق بديلة، ما قد يقلص تدريجياً هيمنة السوق الأمريكية على عقود الذهب الآجلة.
وتوقعات عام 2026 تشير إلى استمرار حالة عدم اليقين الجيو-اقتصادي، مع احتمال تحرك الأسعار ضمن نطاق محدود إذا استقرت الظروف، أو تحقيق مكاسب إضافية في حال تباطؤ النمو الاقتصادي أو تصاعد المخاطر العالمية. كما تشير توقعات مجلس الذهب العالمي وأبحاث "جي بي مورجان" إلى استمرار مشتريات البنوك المركزية عند مستويات مرتفعة لتصل إلى نحو 755 طناً، بينما يُتوقع أن يظل الطلب على السبائك والعملات عند نحو 1,200 طن سنوياً.
وعلى صعيد الأسعار، يرى "جي بي مورجان" إمكانية وصول الذهب إلى مستوى 5,000 دولار للأوقية في 2026، مدفوعاً بالطلب المؤسسي ومشتريات البنوك المركزية واستمرار ضعف الدولار الأمريكي، فيما تظل المخاطر مرتبطة بقدرة السياسات النقدية على دعم الدولار، وتراجع الطلب على المجوهرات، واستجابة شركات التعدين للقيود التنظيمية والبيئية.
وفي ظل هذه العوامل المتشابكة، يُظهر الذهب مرة أخرى في 2025 أنه أحد الركائز المالية والاستراتيجية الأكثر استقراراً في عالم مليء بعدم اليقين، بينما يبقى عام 2026 حاملاً لفرص جديدة لمزيد من الصعود، مع استمرار التحدي المتمثل في التوازن الدقيق بين السياسات النقدية والتطورات الجيوسياسية وثقة المستثمرين.












