الذهب يتراجع للأسبوع الثاني مع تعافي الدولار وتهدئة التوترات التجارية بين واشنطن وبكين

تواصلت موجة الهبوط في أسعار الذهب العالمية للأسبوع الثاني على التوالي، مدفوعة بتراجع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلى جانب تعافي الدولار الأمريكي، ما ساهم في انخفاض الطلب على المعدن النفيس باعتباره ملاذًا آمنًا.
ووفقًا لتحليل صادر عن مؤسسة "جولد بيليون"، سجل سعر أونصة الذهب العالمية انخفاضًا بنسبة 2.4% خلال تعاملات الأسبوع الماضي، ليهبط إلى أدنى مستوياته في أسبوعين عند 3201 دولار للأونصة، قبل أن يغلق تداولات الأسبوع عند مستوى 3240 دولارًا للأونصة، مقارنة بسعر افتتاح بلغ 3326 دولارًا للأونصة.
وجاء هذا التراجع بعدما سجل الذهب أعلى مستوى تاريخي له الأسبوع السابق عند 3500 دولار للأونصة، في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والمالية حينها، إلا أن الأسواق بدأت في التفاعل مع تغيرات جديدة أدت إلى تقليص تلك المكاسب القياسية.
انفراجة في العلاقات التجارية بين واشنطن وبكين
وكانت وزارة التجارة الصينية قد أعلنت مؤخرًا عن دراسة عرض أمريكي لاستئناف المحادثات بشأن الرسوم الجمركية، التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنسبة بلغت 145%. وأكدت بكين في بيانها أن باب التفاوض لا يزال مفتوحًا، في إشارة إلى مرونة جديدة في الموقف الصيني قد تؤدي إلى تسوية مرتقبة بين أكبر اقتصادين في العالم.
ويأتي هذا التوجه بعد توقيع ترامب على أمرين تنفيذيين لتخفيف أثر الرسوم الجمركية على قطاع السيارات، الأمر الذي أسهم في تهدئة حالة القلق في الأسواق المالية، ودفع المستثمرين نحو الأصول عالية المخاطر، على حساب أصول الملاذ الآمن كالذهب.
الأسواق تتخلى عن الذهب لصالح الأسهم والعملات
وأدى تحسن شهية المخاطرة إلى موجة بيع واسعة في أسواق الذهب، في أول تصحيح سعري حقيقي منذ شهور من الارتفاع شبه المتواصل. وتزايدت التوقعات بأن يسهم التقدم في المحادثات التجارية في تثبيت سقف أسعار الذهب عند 3500 دولار للأونصة كحد أقصى في المدى القريب، ما لم يتم الإعلان عن تطورات جديدة تدفع بالأسعار إلى مسار صاعد جديد.
في المقابل، شهد الدولار الأمريكي ارتفاعًا للأسبوع الثاني، وهو ما زاد من الضغوط على الذهب، نظرًا للعلاقة العكسية بين العملة الأمريكية والمعدن الأصفر. وقد جاء هذا الارتفاع مدعومًا ببيانات قوية من سوق العمل الأمريكي.
تقرير الوظائف الأمريكي يُقلص توقعات خفض الفائدة
أظهرت بيانات الوظائف الحكومية الصادرة عن وزارة العمل الأمريكية لشهر أبريل، تعيين عدد من الوظائف الجديدة يفوق التوقعات، فيما استقر معدل البطالة دون تغيير. ودفعت هذه النتائج الأسواق إلى تقليص رهاناتها بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقبل خلال يونيو، ما عزز من قوة الدولار وأضعف جاذبية الذهب الاستثمارية.
تراجع في عقود المضاربة على الذهب
وبيّن تقرير التزامات المتداولين الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة الأمريكية للأسبوع المنتهي في 29 أبريل، تراجعًا واضحًا في عقود الشراء الآجلة للذهب، حيث انخفضت بمقدار 18,519 عقدًا، كما تراجعت عقود البيع بمقدار 6,459 عقدًا، وهو ما يعكس تراجعًا عامًا في توجهات المضاربة على الذهب من قبل المستثمرين الأفراد والمؤسسات.
وتشير هذه البيانات إلى تحوّل استثماري واضح تجاه أسواق الأسهم والاستثمارات مرتفعة العائد، مقابل تراجع نسبي في الطلب على الذهب خلال الأسبوع، بالتزامن مع انحسار أزمة الرسوم الجمركية وعودة الهدوء إلى الأسواق العالمية.