الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 08:13 صـ 16 ربيع أول 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

”تقنية مدكور”.. ابتكار مصري يعتمد عالميًا في مجال مناظير الجهاز الهضمي المتقدمة

الإثنين 8 سبتمبر 2025 09:53 صـ 15 ربيع أول 1447 هـ
تقنية مدكور
تقنية مدكور

أعلنت الهيئة العامة للرعاية الصحية عن تحقيق إنجاز طبي عالمي غير مسبوق، تمثل في اعتماد تقنية مبتكرة تحمل اسم الأستاذ الدكتور أحمد مدكور، رئيس قسم مناظير الجهاز الهضمي والقنوات المرارية بفرع الهيئة في محافظة بورسعيد، من قِبل الجمعية الأوروبية للمناظير، الجهة العلمية الأرفع عالميًا في مجال مناظير الجهاز الهضمي، والتي قامت بنشر التقنية رسميًا في مجلتها العلمية المرموقة Endoscopy، المصنفة كأكثر الدوريات تأثيرًا على مستوى العالم في هذا التخصص.

تقنية مدكور.. أول ابتكار مصري يعتمد عالميًا في مناظير الجهاز الهضمي المتقدمة

الابتكار المصري الجديد، الذي أطلق عليه عالميًا اسم "تقنية مدكور – Madkour Technique"، حيث يمثل نقلة نوعية في مجال مناظير الفراغ الثالث (Third-space endoscopy)، حيث يقدم حلًا فريدًا وفعّالًا لعلاج مرضى الأكالازيا المستعصية، دون الحاجة إلى الجراحات التقليدية الكبرى مثل استئصال المريء.

وتعد هذه التقنية أول ابتكار مصري في مجال المناظير يتم اعتماده عالميًا بهذه الصفة.

وقد جرى تطبيق التقنية بنجاح كامل على حالتين، الأولى داخل مجمع الشفاء الطبي التابع للهيئة ببورسعيد، والثانية بمستشفى جامعة حلوان، وبلغت نسبة النجاح 100%، وهو ما عكس فاعليتها وأكد جدواها السريرية، مما مهد الطريق أمام اعتمادها رسميًا كإنجاز علمي مصري على الساحة الدولية.

الهيئة العامة للرعاية الصحية: بيئة داعمة للكفاءات تصنع الريادة الطبية

وفي بيانها الرسمي، أكدت الهيئة العامة للرعاية الصحية أن اعتماد ابتكار طبي يحمل اسم طبيب مصري يعد إنجازًا وطنيًا يؤكد نجاح استراتيجية الهيئة في تمكين الكفاءات الطبية الوطنية، وتوطين أحدث تقنيات التشخيص والعلاج داخل مصر، مشددة على أن البيئة الداعمة والمجهزة بأحدث الإمكانات العلمية هي المحرك الأساسي لإطلاق الطاقات الإبداعية لدى الأطباء المصريين.

من جانبه، عبر الدكتور أحمد السبكي، رئيس مجلس إدارة الهيئة، عن فخره الكبير بهذا الإنجاز، مؤكدًا أن اعتماد "تقنية مدكور" عالميًا هو رسالة واضحة بأن الاستثمار في العقول الطبية هو السبيل الأقصر لريادة مصر عالميًا.

وأضاف أن الهيئة ستواصل دعمها الكامل لكل طبيب ومبتكر مصري، وستوفر البيئة المثالية للبحث والتطوير بما يتماشى مع أحدث المعايير الدولية.

وأكد السبكي أن نموذج الدكتور أحمد مدكور يمثل قصة نجاح ملهمة تثبت أن الكفاءات المصرية قادرة على صناعة المعرفة الطبية وليس فقط نقلها أو تطبيقها، مشيرًا إلى أن الهيئة تعتبر هذا الحدث خطوة جديدة ضمن مساعيها لتعزيز مكانة مصر في صناعة الطب والابتكار العالمي.

المسيرة المهنية للدكتور أحمد مدكور

يعتبر الدكتور أحمد مدكور من أبرز المتخصصين في أمراض الجهاز الهضمي والمناظير في مصر والشرق الأوسط، وهو أستاذ واستشاري بكلية الطب – جامعة حلوان.

حصل على دراسات متقدمة في مناظير الجهاز الهضمي بجامعة هارفارد الأمريكية، واجتاز زمالة مناظير القنوات المرارية بجامعة الفرات في تركيا، بالإضافة إلى حصوله على دبلومة في استئصال الأورام بالمنظار من العاصمة الصينية بكين.

ويمتلك الدكتور مدكور عضوية في عدد من الجمعيات الطبية الدولية الرائدة، منها الكلية الأمريكية لأمراض الجهاز الهضمي (ACG)، والجمعية الأمريكية للمناظير (ASGE).

كما يعمل حاليًا كاستشاري في مركز طبي دولي، كما يعرف بأنه رائد في تقنيات "مناظير الفراغ الثالث" في المنطقة.

مدكور يطور تقنية "POEM" للتعامل مع أصعب الحالات

كشف الدكتور أحمد مدكور، أستاذ واستشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد بجامعة حلوان ورائد مناظير الجهاز الهضمي في مصر والشرق الأوسط، عن ابتكار طبي جديد يعد تطورًا مهمًا في مجال علاج مرض "الأكالازيا" باستخدام المنظار، وذلك عبر تطويره لتقنية POEM المعروفة.

وأوضح مدكور، في تصريحات صحفية، أن الابتكار الجديد يمثل نقلة نوعية في علاج الحالات المعقدة والنادرة من مرض الأكالازيا، وهو مرض نادر يصيب المريء ويسبب صعوبة شديدة في البلع، حيث يعاني المريض من ضيق في القناة العضلية للمريء نتيجة فشل العضلة في الارتخاء.

تطوير جذري لتقنية POEM اليابانية

وأشار مدكور إلى أن التقنية التي ابتكرها هي تطوير مباشر لتقنية POEM، وهي اختصار لـ Peroral Endoscopic Myotomy، وتعني "شق عضلة المريء بالمنظار"، وهي التقنية التي ابتكرها الطبيب الياباني الشهير "إنوي" عام 2010، ولاقت نجاحًا واسعًا عالميًا، حيث تصل نسبة نجاحها إلى 99%.

إلا أن الدكتور مدكور أوضح أن هناك نسبة 1% من الحالات المعقدة لا تستجيب للعلاج باستخدام POEM التقليدية، نتيجة وجود تليفات شديدة في جدار المريء، ما يجعل تنفيذ النفق المطلوب بين الغشاء المخاطي والعضلة أمرًا بالغ الصعوبة، وغالبًا ما تضطر هذه الحالات إلى اللجوء إلى جراحة استئصال المريء، وهي جراحة كبرى ذات مخاطر عالية.

وأضاف مدكور: "نجحت بفضل الله في ابتكار طريقة جديدة لإنشاء النفق بين طبقات العضلات بدلاً من النفق التقليدي بين الغشاء المخاطي والعضلات، ما أتاح الوصول للعضلة المتشنجة وشقها بأمان حتى في أصعب الظروف، وحقق ذلك نجاحًا في الحالات التي فشلت معها الطرق المعتادة."

نتائج سريرية سريعة وقبول علمي عالمي

وأكد الدكتور أحمد مدكور أن التقنية الجديدة تم تنفيذها بنجاح في ثلاث عمليات جراحية، اثنتان منها تم توثيقهما علميًا في تقارير أُرسلت إلى الجمعية الأوروبية لأمراض الجهاز الهضمي والمناظير، حيث لاقت قبولًا للنشر بعد ثلاثة أيام فقط من تقديمها، وهو ما اعتبره "أمرًا نادرًا في الأوساط العلمية، ويعكس قوة وابتكار الفكرة."

وقد تم اعتماد التقنية رسميًا من قبل الجمعية الأوروبية، ونشرت ضمن قسم الفيديوهات الإلكترونية بالمجلة العلمية العالمية (Endoscopy)، لتتاح للأطباء والمراكز الطبية في جميع أنحاء العالم إمكانية مشاهدة تفاصيل الإجراء خطوة بخطوة عبر الفيديو، وهو ما يعزز انتشار المعرفة الطبية الدقيقة حول التقنية.

خيار آمن وفعال لعلاج الحالات المعقدة من الأكالازيا

وبين مدكور أن النجاح الكامل للتقنية الجديدة دون مضاعفات كبرى في الحالات الثلاث التي تم تنفيذها — داخل جامعة حلوان وهيئة الرعاية الصحية — يفتح الباب أمام استخدامها على نطاق أوسع، خاصة في المراكز المتخصصة التي تستقبل حالات متقدمة من مرض "تعذر الارتخاء المريئي" (Akalasia).

وأشار إلى أن هذا التطوير العلمي يعد فتحًا جديدًا أمام أطباء المناظير لعلاج المرضى الذين كانوا مضطرين في السابق إلى الخضوع لعمليات جراحية معقدة أو التعايش مع أعراض قاسية، مؤكدًا أن التقنية الجديدة ستكون أداة فعالة في أيدي المتخصصين في المناظير المتقدمة.