مؤتمر ”مفتاح الازدهار”: الرياض ترسم ملامح استثمار عالمي جديد في زمن التقلبات

في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي من توترات سياسية وخطر الإغلاق الحكومي المحتمل، تتجه أنظار المستثمرين نحو الرياض، التي تستعد لاستضافة النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) من 27 إلى 30 أكتوبر 2025 تحت شعار "مفتاح الازدهار".
هذا الحدث الذي يُعرف عالميًا بـ"دافوس الصحراء" يعكس تحولًا اقتصاديًا حقيقيًا، حيث تتصدر المملكة العربية السعودية الأسواق الناشئة في جذب رؤوس الأموال العالمية، مستفيدة من رؤية واضحة واستقرار مالي يعززان ثقة المستثمرين في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية تقلبات حادة.
اقتصاد عالمي مضطرب ومستثمر يبحث عن الاستقرار
تواجه الأسواق المالية العالمية اضطرابات كبيرة، مع تسجيل بورصة وول ستريت خسائر بالمليارات، إلى جانب التحذيرات من إغلاق حكومي في الولايات المتحدة نتيجة الخلافات السياسية. في هذا المناخ، يبحث المستثمرون عن أسواق توفر توازنًا بين العوائد والمخاطر، بعيدًا عن الاعتماد على الأسواق المتقدمة التقليدية. تؤكد مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي أن الاقتصادات الناشئة المستقرة، وعلى رأسها السعودية، أصبحت وجهة مفضلة للاستثمار طويل الأجل، مستندة إلى الإصلاحات الاقتصادية ومشروعات التنويع الطموحة.
الرياض: مركز استقرار واستراتيجية استثمارية واضحة
سيجمع مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار هذا العام أكثر من 7500 مشارك و600 متحدث عالمي من 90 دولة وأكثر من 250 جلسة حوارية بمركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات في الرياض. تتناول الجلسات موضوعات حاسمة مثل تأثير الذكاء الاصطناعي على الإنتاجية، وآثار التوترات الجيوسياسية على الأسواق، واستراتيجيات مواجهة ندرة الموارد، كلها تعكس الدور المتنامي للسعودية كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي. يدعم هذا الطموح صندوق الاستثمارات العامة الذي تقدر أصوله بأكثر من تريليوني ريال سعودي، ما يُوفر سيولة هائلة لتسريع المشاريع الكبرى مثل نيوم وقطاع الطاقة المتجددة.
تحويل النقاش إلى تنفيذ: يوم الاستثمار
يُختتم المؤتمر بـ"يوم الاستثمار" الذي يحول النقاشات والحوارات إلى صفقات وشراكات استراتيجية ملموسة. شهدت النسخ السابقة من المبادرة توقيع صفقات بمليارات الدولارات مع شركات عالمية في التكنولوجيا والطاقة والتمويل، مما عزز مكانة السعودية كحلقة وصل بين رؤوس الأموال العالمية والأسواق الناشئة.
هذا التركيز العملي يجعل المؤتمر وجهة للجمهور الاستثماري الباحث عن فرص واقعية في عالم يشهد تقلبات مستمرة.
التحديات والفرص: واقع سعودي بنظرة مستقبلية
رغم النجاحات البارزة، يعي المستثمرون التحديات التي تواجه المملكة، أبرزها الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.. رؤية السعودية 2030 تقدم خطة متكاملة للإصلاح الاقتصادي عبر تنمية قطاعات غير نفطية وتعزيز بيئة الأعمال والاستثمار، ما جعل المملكة تتصدر مؤشرات جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في الشرق الأوسط وفق تقارير البنك الدولي لعام 2024.
من جهة أخرى، النمو الاقتصادي المتوقع للسعودية في 2025 يبلغ حوالي 3.5%، مما يعكس استقرارًا وفعالية السياسات الاقتصادية.
خاتمة: رؤيتنا
لم تعد الرياض وجهة لاستثمار الأرباح السريعة فحسب، بل تحولت إلى مركز ثقل استراتيجي لرسم ملامح الاقتصاد والاستثمار العالميين. في زمن يطغى فيه عدم اليقين، يقدم مؤتمر "مفتاح الازدهار" نموذجًا للاستثمار القائم على الاستقرار والتنمية المستدامة والطويلة الأمد. بهذا الشكل، تؤكد السعودية للساحة العالمية أنها ليست فقط لاعبًا مؤثرًا، بل مركز جذب لفرص استثمارية متجددة ومتوازنة بين الطموح والنمو والاستدامة.