11 عامًا من التحول.. كيف دعمت سياسات السيسي صعود البورصة المصرية؟

حققت البورصة المصرية قفزات تاريخية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية في يونيو 2014، حيث شهدت الأسواق المالية نموًا غير مسبوق على مستوى المؤشرات الرئيسية، ورأس المال السوقي، وأحجام التداول، مدفوعة ببرنامج إصلاحي جريء شمل مختلف جوانب الاقتصاد المصري.
واكبت البورصة المصرية خطوات الإصلاح الاقتصادي التي نفذتها الدولة خلال السنوات الماضية، لتثبت قدرتها على التفاعل مع المتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية، متجاوزة أزمات وتحديات متعددة أبرزها الإرهاب، والحرب التجارية العالمية، وجائحة كورونا، والصراعات الجيوسياسية مثل الحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات المتصاعدة في المنطقة.
نمو قياسي في رأس المال السوقي والمؤشرات
منذ إعلان فوز الرئيس السيسي بمنصب رئيس الجمهورية في 3 يونيو 2014، ارتفع رأس المال السوقي للبورصة المصرية من نحو 464 مليار جنيه إلى ما يتجاوز 2.433 تريليون جنيه في 24 يونيو 2025، بزيادة تتجاوز 1.967 تريليون جنيه، ما يعكس نموًا بنسبة تتخطى 400% خلال 11 عامًا.
كما قفز المؤشر الرئيسي EGX30 من مستوى 8,567 نقطة إلى ما يقرب من 33,000 نقطة، بنسبة نمو تقارب 285%، وهو ما يعبر عن تحسن أداء الأسهم القيادية وزيادة الثقة في السوق المصري.
انعكاس مباشر للإصلاحات الاقتصادية
يرى سمير رؤوف، خبير أسواق المال، أن أداء البورصة المصرية خلال عهد الرئيس السيسي تميز باتجاه تصاعدي قوي، رغم التحديات المتكررة. وأوضح أن الإصلاحات الجذرية التي شملت تحرير سعر الصرف، وتحسين البنية التشريعية للاستثمار، ودعم المشروعات القومية الكبرى، كانت عوامل رئيسية في تعزيز جاذبية السوق.
وأشار إلى أن بداية حكم السيسي شهدت إنقاذ الاقتصاد من أزمات حادة ورثتها الدولة عن فترات عدم الاستقرار السياسي، ليتحول الوضع تدريجياً إلى مسار تنموي انعكس بقوة على أداء سوق المال، لا سيما بعد إجراءات تحرير الاقتصاد وزيادة احتياطي النقد الأجنبي إلى نحو 50 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ مصر.
وأكد رؤوف أن قرارات مارس 2024 الخاصة بتحرير سعر الصرف بالكامل شكّلت نقطة تحول فارقة، حيث أعادت الثقة للمستثمرين المحليين والأجانب، وأطلقت موجة صعود قياسية في البورصة.
إصلاحات تشريعية وتكنولوجيا متقدمة
شهدت البورصة المصرية خلال الفترة الأخيرة تطويرًا شاملًا في منظومة التداول والقيد، تمثل في تحديث قواعد الإفصاح، وتسهيل الإجراءات، وتعزيز الشفافية والحوكمة. كما تم إدخال أدوات تكنولوجية متقدمة لدعم بيئة الاستثمار، وتفعيل آليات الدفع الإلكتروني، والتوسع في الخدمات الرقمية.
وفي إطار تنويع السوق، تم طرح عدد من الشركات الرائدة للاكتتاب العام، منها فوري، إي فاينانس، طاقة عربية، فاليو، والمصرف المتحد، وهو ما ساهم في جذب شرائح جديدة من المستثمرين وزيادة مستويات السيولة والتداول.
جاذبية متزايدة للمستثمرين الأجانب
من جانبه، قال أحمد عبد الحميد، العضو المنتدب لشركة وثيقة لتداول الأوراق المالية، إن البورصة المصرية أصبحت أكثر تنافسية بين أسواق المال الناشئة، خاصة بعد اعتماد سياسة مرنة لسعر الصرف، ما جعل الأصول المصرية أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب الباحثين عن فرص نمو قوية بعوائد مرتفعة.
وأضاف أن مصر تتمتع بعوامل جذب متكاملة، من بينها التركيبة السكانية الشابة، وارتفاع العائد على الاستثمار، وتنوع القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل التكنولوجيا، العقارات، الصناعة التحويلية، الزراعة، التعليم، والبنوك، وكلها مدعومة بمشروعات قومية كبرى مثل العاصمة الإدارية وتوسعات قناة السويس.
وشدد عبد الحميد على أن استكمال برنامج الطروحات الحكومية وتوسيع قاعدة المستثمرين وتحقيق الشمول المالي، ستكون له آثار إيجابية كبيرة على أداء البورصة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع استمرار الحكومة في الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتقليص عجز الموازنة.
مستقبل واعد لسوق المال المصري
أثبتت البورصة المصرية خلال 11 عامًا من التحول الاقتصادي أنها أداة فاعلة في عكس متغيرات الاقتصاد الوطني، وتمثل مؤشرًا حقيقيًا على تحسن بيئة الأعمال في مصر. وتدل المؤشرات الحالية على فرص واعدة لمزيد من النمو، خاصة في ظل استمرار الزخم الاستثماري، وتوسيع الشراكات الإقليمية والدولية.
ومع دخول العام المالي الجديد، تستعد السوق المصرية لاستقبال مزيد من الطروحات والاكتتابات، في وقت تتجه فيه الحكومة إلى فتح آفاق جديدة للاستثمار في البورصة، وتسهيل إجراءات الدخول والخروج من السوق، بما يعزز موقعها كمركز مالي إقليمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.