الثلاثاء 1 يوليو 2025 11:32 صـ 5 محرّم 1447 هـ
بوابة بالعربي
رئيس التحرير محمد رجب سلامة
×

الاقتصاد المصري يتحدى الضغوط العالمية وينمو بنسبة 4.77% خلال الربع الثالث

الإثنين 30 يونيو 2025 09:01 صـ 4 محرّم 1447 هـ
الاقتصاد المصري
الاقتصاد المصري

أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر بلغ 4.77% خلال الربع الثالث من العام المالي 2024/2025، مقارنة بمعدل نمو 2.2% خلال نفس الفترة من العام المالي السابق، ليُسجل بذلك أعلى معدل نمو ربع سنوي منذ ثلاث سنوات. ويُعزز هذا الأداء من متوسط معدل النمو خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الجاري ليصل إلى 4.2%، مقارنة بنحو 2.4% خلال نفس الفترة من العام الماضي، في مؤشر واضح على تعافي الاقتصاد المصري واستعادته لمرونته في ظل تحديات عالمية وإقليمية مستمرة.

وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن استمرار تعافي الاقتصاد المصري يعكس نجاح السياسات الإصلاحية التي تنفذها الدولة سواء على مستوى السياسات الاقتصادية الكلية أو الهيكلية، بما يعزز من قدرة الاقتصاد على مواجهة التقلبات العالمية وتحقيق نمو مستدام. وأشارت إلى أن معدلات النمو المُحققة خلال الربع الثالث جاءت أعلى من التوقعات، مدفوعة بتحسن أداء عدد من القطاعات الحيوية، وعلى رأسها الصناعات التحويلية غير البترولية، والسياحة، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وشددت الوزيرة على أن هذا التحسن يتماشى مع الرؤية الاستراتيجية التي تتبناها الدولة نحو التحول إلى اقتصاد تنافسي قائم على التصدير والقطاعات القابلة للتداول، إلى جانب تمكين القطاع الخاص لقيادة التنمية الاقتصادية. وأكدت أن الحكومة تواصل جهودها في توطين الصناعة وتعزيز الإنتاج المحلي، إلى جانب تنفيذ سياسات استثمارية محفزة.

وقد شهد الربع الثالث مساهمات قوية من عدة قطاعات اقتصادية. ففي قطاع الصناعة التحويلية غير البترولية، بلغ معدل النمو 16% مقارنة بانكماش بلغ نحو 4% خلال نفس الفترة من العام السابق، ويُعزى هذا التحول الإيجابي إلى التوسع في الاستثمارات الصناعية، وارتفاع متوسط مؤشر الرقم القياسي للصناعة التحويلية (باستثناء الزيت الخام والمنتجات البترولية) بنسبة 16.03%.

وحققت العديد من الصناعات معدلات نمو لافتة، من بينها صناعة المركبات ذات المحركات التي سجلت نموًا قدره 93%، تلتها صناعة الملابس الجاهزة بنسبة 58%، والمشروبات بنسبة 34%، وصناعة الورق بنسبة 20%، والمنسوجات بنسبة 17%. كما ساهم تحسن أداء الصادرات الصناعية في دعم هذا النمو، حيث ارتفعت صادرات السلع تامة الصنع بنسبة 12.7%، فيما قفزت صادرات الملابس الجاهزة بنسبة تجاوزت 23% خلال الربع الثالث.

وفي قطاع السياحة، الذي يُمثل أحد المحركات الرئيسة للنمو، سجل النشاط السياحي (المطاعم والفنادق) نموًا بلغ 23%، بفضل ارتفاع عدد السائحين إلى نحو 4 ملايين خلال الربع، وزيادة عدد الليالي السياحية إلى 41 مليون ليلة.

كما شهدت قطاعات أخرى أداءً إيجابيًا، من بينها الوساطة المالية التي حققت معدل نمو بلغ 17.34%، وقطاع التأمين بنسبة 7.7%، والكهرباء بنسبة 5.76%، والخدمات الاجتماعية (الصحة والتعليم) بنسبة 4.63%، وقطاع التشييد والبناء بنسبة 3.13%، بما يعكس تنوع مصادر النمو الاقتصادي وتوجه الدولة نحو التنويع الهيكلي.

وفي المقابل، شهد قطاع قناة السويس تراجعًا بنسبة 23.1% خلال الربع الثالث، مقارنة بانكماش بلغ 51.6% خلال نفس الفترة من العام الماضي، نتيجة استمرار تبعات التوترات الجيوسياسية على حركة الملاحة العالمية. كما استمر تراجع قطاع الاستخراجات بنسبة 10.38%، نتيجة انخفاض نشاطي البترول والغاز الطبيعي بنسبة 9.52% و20.5% على التوالي. وتتوقع الحكومة تحسنًا مستقبليًا في هذا القطاع، بدعم من الاستثمارات الجديدة في أعمال البحث والتطوير.

على مستوى الإنفاق، ساهم صافي الصادرات بشكل إيجابي في النمو، حيث أضاف نحو 2.7 نقطة مئوية إلى الناتج المحلي الإجمالي، مدعومًا بزيادة ملحوظة في الصادرات بنسبة 54.4% مقابل ارتفاع أقل للواردات بنسبة 18.7%. كما ساهم الإنفاق الحكومي بمقدار 0.27 نقطة مئوية.

وسجل الاستثمار الخاص قفزة ملحوظة، حيث ارتفع بنسبة 24.2% على أساس سنوي خلال الربع الثالث، مستحوذًا على 62.8% من إجمالي الاستثمارات المنفذة (باستثناء التغير في المخزون). ويُظهر هذا الارتفاع المتواصل للربع الثالث على التوالي تصاعد دور القطاع الخاص وثقة المستثمرين في الاقتصاد المحلي. في المقابل، تراجع الاستثمار العام بنسبة 45.6%، مما أدى إلى مساهمة سالبة للاستثمار في النمو الاقتصادي بنحو 2.44 نقطة مئوية، ضمن توجه حكومي يهدف إلى ترشيد الإنفاق وتعزيز دور القطاع الخاص المحلي والأجنبي.

وعكست المؤشرات الدورية استمرار تعافي الاقتصاد، حيث سجل مؤشر مديري المشتريات (PMI) مستوى 50.7 نقطة في يناير 2025، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من أربع سنوات. كما بقي المؤشر فوق مستوى الحياد في فبراير عند 50.1 نقطة، ورغم انخفاضه الطفيف إلى 49.2 نقطة في مارس، إلا أنه ظل قريبًا من المستوى الحيادي، ما يشير إلى استقرار نسبي في أداء القطاع الخاص غير النفطي واستمرار اتجاه التعافي.

وفي إطار دعم هذا الزخم الاقتصادي، أقر مجلس النواب في يونيو 2025 خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026، والتي تهدف إلى تحقيق معدل نمو يبلغ 4.5%، مع التزام الحكومة بسقف الاستثمارات العامة البالغ 1.154 تريليون جنيه. وتركز الخطة على دعم قطاعات التنمية البشرية، حيث تم تخصيص 47% من استثمارات الخزانة العامة لقطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، تأكيدًا على أولوية الاستثمار في رأس المال البشري.

وعلى الرغم من تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة، لا سيما بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025، جاءت التأثيرات الاقتصادية العالمية أقل حدة مما كان متوقعًا، ما ساهم في الإبقاء على أهداف النمو للعام المالي المقبل دون تعديل.

وتُشير التقديرات إلى أن الاقتصاد المصري يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق معدل نمو يتجاوز المستهدف البالغ 4% بنهاية العام المالي 2024/2025، مستفيدًا من تحسن الأداء الصناعي، وزيادة مساهمة الصادرات، وارتفاع حجم الاستثمارات الخاصة، وهو ما يعكس نجاح السياسات الحكومية في تعزيز الثقة وتوفير بيئة جاذبة للتنمية المستدامة.

موضوعات متعلقة