الثلاثاء 22 يوليو 2025 11:40 صـ 26 محرّم 1447 هـ
بوابة بالعربي
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

صغار أوروبا في الواجهة.. من يمنح الشباب فرصة الحلم في ملاعب الكبار؟

الأحد 20 يوليو 2025 03:11 مـ 24 محرّم 1447 هـ
يامين لامال
يامين لامال

في زمن تُهيمن فيه الأموال الطائلة على كرة القدم العالمية، وتُدار فيه صفقات النجوم الكبار خلف مكاتب الوكلاء ورجال الأعمال، يظل لظهور لاعب شاب في التشكيلة الأساسية نكهة لا تُشبه شيئًا آخر ، لحظة تبعث الأمل في الجماهير، وتُعيد شيئًا من روح اللعبة إلى أيامها الأولى ، وبينما تختلف السياسات والميزانيات من نادٍ لآخر، ومن دوري إلى دوري، تبقى الحقيقة قائمة: ليس كل من يملك شبابًا يمنحهم الفرصة .

ففي تقرير إحصائي حديث صادر عن "أوبتا " غطّى 17 موسمًا كرويًا (من 2008-09 وحتى 2024-25) كشف تفاوتًا لافتًا في الاعتماد على اللاعبين تحت 22 عامًا بين أبرز عشر دوريات أوروبية، بما في ذلك الدوريات الخمسة الكبرى، إلى جانب دوريات هولندا، وبلجيكا، والبرتغال، وتركيا، وتشيكيا.

المفاجأة الكبرى كانت أن الدوري الهولندي تصدّر القارة الأوروبية بأعلى نسبة من دقائق اللعب التي نالها اللاعبون الشباب، بمتوسط بلغ 23% من إجمالي الدقائق خلال الفترة المدروسة، وهي نسبة تعكس التقاليد المتجذّرة في الاعتماد على أكاديميات قوية مثل أياكس. ففي موسم 2019-20، بلغت النسبة ذروتها بـ28.3%، لتُكرّس هولندا كأرض خصبة للمواهب .

وعلى الطرف المقابل، جاء الدوري التركي كأسوأ بيئة لظهور الشباب. إذ لم تتجاوز نسبة دقائقهم 5.6%، فيما سُجلت أدنى نسبة في تاريخ الدراسة خلال أحد المواسم عند 2.7% فقط. الأمر يبدو منطقياً إلى حد ما، إذ تحوّلت أندية مثل فنربخشة وجالاتاسراي وبشكتاش إلى ملاذ أخير لنجوم أوروبا المتقدمين في السن، ممن يبحثون عن راتب أخير قبل الاعتزال.

فالدوريات الخمسة الكبرى، أظهرت تفاوتًا واضحًا في تعاملها مع الشباب، لكن فرنسا تصدّرت السباق. فقد سجل الدوري الفرنسي أعلى نسبة اعتماد على اللاعبين تحت 22 عامًا بين الدوريات الكبرى، بمتوسط 14.8% خلال 17 عامًا، وبلغت ذروتها في الموسمين الماضيين بـ17.3% و17.4% على التوالي، فالأمر ليس بالغريب على دوري أنجب أسماء مثل مبابي وبنزيما وزيدان.

وفي الموسم الماضي تحديدًا، صنع فريق ستراسبورج الفرنسي التاريخ حين أشرك تشكيلات أساسية بلغ متوسط أعمارها 21 عامًا و106 أيام فقط، ليصبح أصغر فريق في تاريخ البطولات الكبرى الأوروبية. الأمر لم يكن وليد الصدفة، فالملكية المشتركة مع نادي تشيلسي الإنجليزي – المعروف بسياسة التعاقد مع اللاعبين الشبان – لعبت دورًا محوريًا في هذا التوجه .

أما في ألمانيا، فقد تراجع الاعتماد على الشباب بعد أن بلغ ذروته في موسم 2017- 2018 بنسبة 17.2%، ليصل إلى 9.6% فقط في الموسم الأخير. وبينما حافظت إيطاليا على مستويات متوسطة تتراوح بين 8 و9%، وشهدت إسبانيا وإنجلترا تحسنًا ملحوظًا في آخر موسمين، حيث وصلت نسبة دقائق الشباب في الدوري الإنجليزي إلى 11.3%، وفي الليجا الإسبانية إلى 11.5% .

وتبرز بعض الأندية كنماذج حية لهذا الاتجاه. فبرشلونة، على سبيل المثال، تُوّج بلقب الليجا في موسم 2024-25 بتشكيلة شابة بلغ متوسط عمرها 24 عامًا فقط، ضمت عشرة لاعبين تخرّجوا من أكاديمية "لا ماسيا" الشهيرة. وفي فرنسا، حصد باريس سان جيرمان كل الألقاب الممكنة في موسم واحد، محليًا وقاريًا، بأصغر فريق فائز في تاريخ الدوريات الكبرى بمتوسط أعمار بلغ 23 عامًا و179 يومًا.

لكن حين ننظر إلى الأندية الأكثر التزامًا بسياسة الشباب على المدى الطويل، يتصدّر المشهد نادي ألكمار الهولندي، الذي حافظ على متوسط أعمار 23 عامًا و256 يومًا عبر 14 موسمًا متتاليًا، متفوقًا على الجميع.

وفي النهاية، يكشف هذا التقرير أن المستقبل في كرة القدم الأوروبية بات أقرب إلى أقدام اللاعبين صغار السن، وأن الفرق التي قررت الاستثمار في الشباب لم تفز فقط بالمباريات، بل بمستقبل اللعبة نفسها. ومع التغييرات الاقتصادية والتكتيكية التي تطرأ على اللعبة، يبدو أن الرهان على المواهب الصاعدة هو الخيار الأذكى والأكثر استدامة.