السعودية تدعو اليابان إلى شراكة استراتيجية في تحول الطاقة واستثمارات الهيدروجين الأخضر

أكد وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أن مشاريع المملكة في مجال تحول الطاقة تمثل فرصاً غير مسبوقة أمام المؤسسات المالية والمستثمرين اليابانيين للدخول برأس المال الأخضر في قطاعات ناشئة وواعدة، وذلك خلال كلمته في منتدى الاستثمار السعودي الياباني الذي عُقد في مدينة أوساكا.
وأوضح الفالح أن السعودية تضخ استثمارات كبيرة في مشاريع الطاقة النظيفة، بالتوازي مع استمرارها في تطوير مشاريع الطاقة التقليدية، بهدف تحقيق هدفها الطموح المتمثل في توليد 50% من احتياجاتها الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وأشار الوزير إلى أن مشاركة اليابان في مشاريع تحول الطاقة السعودية من شأنها تسريع وتيرة هذا التحول، مؤكداً أهمية الخبرات اليابانية في دعم المملكة لتحقيق مستهدفاتها في هذا القطاع الحيوي.
تعاون اقتصادي واستثماري رفيع المستوى
ويترأس الفالح وفداً سعودياً رفيع المستوى يضم ممثلين من القطاعين الحكومي والخاص في زيارة رسمية إلى اليابان، تهدف إلى تعميق الشراكة الاقتصادية واستكشاف فرص استثمارية جديدة بين البلدين.
وفي إطار التوسع السعودي في مشاريع الهيدروجين، عبّر الفالح عن تطلعه إلى أن يكون القطاع الصناعي الياباني من كبار المستثمرين والمشترين للهيدروجين السعودي، مشيراً إلى مشروع "نيوم للهيدروجين الأخضر" كأحد أبرز المبادرات في هذا المجال، والمتوقع أن يبدأ الإنتاج في عام 2026 بطاقة يومية تبلغ 600 طن، اعتماداً على 4 غيغاواط من الطاقة المتجددة.
اهتمام متزايد من البنوك اليابانية
وتحدث الفالح عن رغبة عدد من البنوك اليابانية الكبرى، التي التقى بها خلال زيارته، في تمويل الشركات السعودية والمساهمة في تطوير منتجات مالية متوافقة مع متطلبات أسواق رأس المال المحلية. ورغم تقدير المملكة للدور الذي تلعبه هذه المؤسسات، إلا أن الوزير أشار إلى أن حجم انكشافها على السوق السعودية لا يزال محدوداً، داعياً إلى توسيع هذا الحضور.
تلعب البنوك الآسيوية بالفعل دوراً متزايداً في تمويل مشاريع سعودية كبرى، وقد افتتحت عدة مؤسسات مصرفية آسيوية مكاتب لها في الرياض خلال السنوات الأخيرة، في إشارة واضحة إلى جاذبية السوق السعودية. وكان عدد من البنوك اليابانية، من بينها "ميتسوبيشي يو إف جيه"، و"سوميتومو"، و"ميتسوي"، قد شارك مؤخراً في حزمة تمويلية بقيمة 10 مليارات دولار لدعم استثمارات "بلاك روك" في مشاريع البنية التحتية للغاز التابعة لشركة "أرامكو السعودية"، بحسب ما نقلته "بلومبرغ".
شراكة استراتيجية تتجاوز الطاقة
وأكد الفالح أن العلاقات الاقتصادية بين الرياض وطوكيو تتسم بالعمق والتنوع، لافتاً إلى أن اليابان تُعد ثالث أكبر شريك تجاري للسعودية، حيث يتم تأمين نحو 40% من احتياجات الطاقة اليابانية من المملكة.
وأضاف أن السعودية تسعى إلى الارتقاء بهذه العلاقة من شراكة تقليدية إلى تكامل استراتيجي، داعياً اليابان إلى تعزيز حضور شركاتها ضمن المناطق الاقتصادية الخاصة في المملكة، بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 التي تركز على جذب الاستثمارات الأجنبية وتنويع الاقتصاد.
آفاق واسعة للتعاون الآسيوي
تأتي هذه التحركات في إطار توجه سعودي أوسع لتعزيز التعاون مع دول آسيا، حيث سبق للمملكة أن وقعت قرابة 30 مذكرة تفاهم مع اليابان في مايو من العام الماضي، خلال النسخة السابقة من منتدى الاستثمار السعودي الياباني في طوكيو، شملت مجالات متعددة من بينها الطاقة النظيفة.
وفي سياق مشابه، أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في اتصال مرئي مع رئيس الوزراء الياباني آنذاك فوميو كيشيدا، التزام المملكة باستمرار إمداد اليابان بالنفط الخام، إلى جانب تعزيز التعاون في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة.
بيئة استثمارية تنافسية
وشدد الفالح على المزايا الاستثمارية التي تقدمها السعودية، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية، واتجاه بعض الدول نحو الحمائية التجارية. وأكد أن المملكة تحتفظ بسياسات جمركية مرنة، وتتبنى مبدأ التجارة الحرة، مما يعزز من جاذبيتها كمركز استثماري.
كما دعا الشركات اليابانية إلى استكشاف الفرص الواعدة في قطاع السياحة السعودي، في ضوء المشاريع الضخمة التي تنفذها المملكة في هذا المجال، والتي تفتح آفاقاً جديدة أمام المستثمرين العالميين.
واختتم الوزير حديثه بالإشارة إلى أن السعودية توفر للمستثمرين مزايا تنافسية متعددة، من ضمنها وضوح الرؤية الاستراتيجية، والالتزام الحكومي الداعم، والاحتياطيات المالية القوية، إلى جانب بيئة تشريعية جاذبة تتصدر مجموعة العشرين في مجال حوكمة الشركات.