الأحد 7 ديسمبر 2025 11:14 صـ 16 جمادى آخر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

شهادة ثقة عالمية بالسعودية.. حين تنصف أرقام البنك الدولي ”رؤية 2030”

الجمعة 5 ديسمبر 2025 01:49 مـ 14 جمادى آخر 1447 هـ
سامر شقير - رائد استثمار وعضو مجلس التنفيذيين اللبنانيين بالرياض
سامر شقير - رائد استثمار وعضو مجلس التنفيذيين اللبنانيين بالرياض

في توقيت يشهد فيه الاقتصاد العالمي حالة من الضبابية و"عدم اليقين" نتيجة التوترات الجيوسياسية وتقلبات الأسواق، تأتي الأرقام الصادرة عن المؤسسات الدولية لتكون بمثابة "البوصلة" التي يسترشد بها المستثمرون. وحين يُعدّل البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي لعام 2025 بالزيادة لتصل إلى 3.8% (مقارنة بـ 3.2% سابقاً)، فإننا لا نقرأ مجرد تحديث دوري للأرقام، بل نقف أمام "شهادة جدارة" دولية تُنصف المسار الطموح الذي رسمته المملكة.

النمو المدروس لا المصادفة

هذا التفاؤل الصادر عن مؤسسة مالية بحجم البنك الدولي يحمل رسائل عميقة لمجتمع المال والأعمال في الرياض وخارجها. فالنمو المتوقع ليس وليد صدفة أو ردة فعل مؤقتة لأسعار الطاقة، بل هو -كما وصفه التقرير- نتاج مباشر للإصلاحات الهيكلية المتسارعة، والبيئة التشريعية المرنة التي باتت تسمح بتدفق الاستثمارات الأجنبية بسلاسة غير مسبوقة، لا سيما مع تعديلات قوانين التملك التي فتحت آفاقاً جديدة للشراكات العالمية.
البنية الرقمية: عصب الاقتصاد الجديد

بصفتنا مستثمرين، نتوقف طويلاً عند "حيثيات" هذا التقرير، وتحديداً إشادته بالبنية التحتية الرقمية. إن تصنيف المملكة كقائد إقليمي ودولي في التحول الرقمي وجاهزية الذكاء الاصطناعي، مع تغطية شبكات الجيل الخامس بنسبة 90%، يعني لنا بلغة الأعمال أن "تكلفة الفرصة البديلة" في السعودية أصبحت الأقل، وأن الكفاءة التشغيلية هي الأعلى. هذه القفزة الرقمية لم تعد مجرد رفاهية، بل أصبحت "العمود الفقري" الذي يضمن استدامة النمو بعيداً عن تقلبات النفط.


الاستثمار في الإنسان: معادلة الرؤية الرابحة

لعل أكثر ما يبعث على الفخر في هذا التقرير هو إنصافه لرأس المال البشري السعودي. الإشارة إلى أن مشاركة المرأة الخليجية -والسعودية في القلب منها- في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة (STEM) تتجاوز المتوسط العالمي، هي ثمرة مباشرة لسياسات التمكين التي قادها سمو ولي العهد -حفظه الله-. نحن اليوم لا نستثمر فقط في الأراضي والمصانع، بل نستثمر في عقول شابة ومبتكرة تقود المشهد التكنولوجي، مما يعزز التنافسية السعودية عالمياً.


واقعية التنويع الاقتصادي

علينا أن نكون واقعيين، كما كان التقرير، في الإقرار بأن قطاع النفط لا يزال لاعباً محورياً، وأن رحلة التنويع الاقتصادي هي مسار طويل وشاق. لكن الفرق يكمن في "الإرادة والإدارة"؛ فالسعودية اليوم تدير مواردها النفطية لتمويل قطاعات المستقبل، من سياحة وصناعة وتكنولوجيا. ونمو الصادرات غير النفطية، وإن كان يواجه تحديات، إلا أنه يسير في اتجاه صعودي يؤكد أننا غادرنا مرحلة الاعتماد الكلي إلى مرحلة التوازن الاستراتيجي.


الخلاصة

إن توصية البنك الدولي بدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي تتقاطع تماماً مع المبادرات الوطنية الحالية. نحن أمام مشهد اقتصادي متكامل، حيث تلتقي الرؤية الحكومية الثاقبة مع ثقة المؤسسات الدولية، لتخلق بيئة خصبة للنمو.

إن رفع توقعات النمو للسعودية هو دعوة مفتوحة للعالم: "من يريد أن يكون جزءاً من المستقبل، فليحجز مكانه في الرياض اليوم".

موضوعات متعلقة