السبت 13 ديسمبر 2025 08:06 مـ 22 جمادى آخر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

توقعات وول ستريت: الدولار مرشح لموجة تراجع جديدة في 2026 مع استمرار خفض الفائدة الأمريكية

السبت 13 ديسمبر 2025 02:14 مـ 22 جمادى آخر 1447 هـ
الدولار
الدولار

توقعت مؤسسات مالية كبرى في وول ستريت، من بينها دويتشه بنك وغولدمان ساكس، أن يستأنف الدولار الأميركي مسار الهبوط خلال عام 2026، في ظل استمرار الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة بشكل تدريجي، مقابل توجه بنوك مركزية أخرى للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة أو رفعها.

وكان الدولار قد استقر خلال الأشهر الستة الماضية بعد موجة تراجع حادة في النصف الأول من العام، سجل خلالها أكبر انخفاض له منذ أوائل السبعينيات، متأثراً بحالة الاضطراب التي أحدثتها الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتي ألقت بظلالها على الأسواق العالمية.

ويرى محللون أن هذا الاستقرار لن يدوم طويلاً، إذ من المرجح أن يتعرض الدولار لمزيد من الضغوط في العام المقبل مع اتجاه السياسة النقدية الأميركية نحو التيسير، في وقت تتباين فيه سياسات البنوك المركزية العالمية.

فجوة الفائدة تضغط على العملة الأمريكية

ويشير الاستراتيجيون إلى أن اتساع الفجوة بين أسعار الفائدة في الولايات المتحدة ونظيرتها في الاقتصادات الكبرى الأخرى سيشجع المستثمرين على تقليص حيازاتهم من الأصول المقومة بالدولار، وتحويل السيولة إلى أسواق توفر عوائد أعلى.

وبحسب تقديرات محللين لدى أكثر من ستة بنوك استثمارية كبرى، من المتوقع أن يتراجع الدولار أمام العملات الرئيسية، وعلى رأسها اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني. ووفقاً لتقديرات إجماعية جمعتها “بلومبرغ”، يُرجّح أن ينخفض مؤشر الدولار بنحو 3% بحلول نهاية 2026.

وقال ديفيد آدامز، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة الكبرى في مورغان ستانلي، إن الأسواق لا تزال تمتلك مجالاً واسعاً لتسعير تخفيضات أكبر في أسعار الفائدة، ما يفتح الباب أمام مزيد من ضعف الدولار، متوقعاً تراجعاً بنسبة 5% خلال النصف الأول من العام.

ورغم ذلك، يتوقع محللون أن يكون تراجع الدولار المقبل أقل حدة وأضيق نطاقاً مقارنة بعام 2025، عندما هبطت قيمته أمام جميع العملات الرئيسية تقريباً، مسجلاً أسوأ أداء سنوي له منذ 2017.

عوامل عدم اليقين قائمة

وتبقى هذه التوقعات رهينة عدة افتراضات، أبرزها استمرار تباطؤ سوق العمل الأميركي، وهو أمر لا يزال محل جدل في ظل مرونة الاقتصاد الأميركي بعد جائحة كورونا. كما أن التنبؤ بحركة العملات يظل من أكثر المهام صعوبة في الأسواق المالية.

وكان الدولار قد شهد صعوداً قوياً في نهاية العام الماضي مدفوعاً بما عُرف بـ”تجارة ترمب”، التي راهن فيها المستثمرون على سياسات تحفيز النمو. ورغم توقع الاستراتيجيين حينها أن يبلغ الارتفاع ذروته بحلول منتصف 2025، فإن وتيرة التراجع جاءت أسرع وأعمق من المنتظر.

وتتزامن النظرة السلبية الحالية مع توقعات الأسواق بخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرتين خلال العام المقبل، بواقع ربع نقطة مئوية في كل مرة، وسط تكهنات بإمكانية ممارسة ضغوط سياسية لخفض الفائدة بوتيرة أسرع.

تحولات عالمية تزيد الضغط

في المقابل، يُتوقع أن يُبقي البنك المركزي الأوروبي على أسعار الفائدة دون تغيير، بينما يواصل بنك اليابان سياسة الرفع التدريجي، ما يعزز جاذبية العملات المنافسة للدولار.

وقال لويس أوغانيس، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي العالمية في جيه بي مورغان بلندن، إن ميزان المخاطر يميل حالياً ضد الدولار أكثر من ميله لصالحه.

ويمكن لضعف الدولار أن يحمل آثاراً متباينة على الاقتصاد الأميركي، إذ يرفع تكلفة الواردات، لكنه في المقابل يعزز أرباح الشركات الأميركية من الخارج، ويدعم الصادرات، وهو ما قد يتماشى مع توجهات الإدارة الأميركية الساعية إلى تقليص عجز الميزان التجاري.

الأسواق الناشئة وصفقات الفائدة

كما قد يسهم تراجع الدولار في إطالة موجات الصعود في الأسواق الناشئة، مع انتقال رؤوس الأموال بحثاً عن عوائد أعلى. وقد حققت صفقات “تجارة الفائدة” في هذه الأسواق أفضل عوائد لها منذ عام 2009، مدعومة بالاقتراض من دول منخفضة الفائدة والاستثمار في عملات ذات عائد مرتفع.

ويرى كل من جيه بي مورغان وبنك أوف أميركا أن هذه الصفقات لا تزال تحمل فرص مكاسب إضافية، مشيرين إلى عملات مثل الريال البرازيلي، إلى جانب عملات آسيوية من بينها الوون الكوري الجنوبي واليوان الصيني.

وفي السياق ذاته، أشار محللو غولدمان ساكس إلى أن الأسواق بدأت تسعير آفاق اقتصادية أكثر تفاؤلاً لعملات مجموعة العشرة الكبرى، مثل الدولار الكندي والأسترالي، مستندين إلى بيانات اقتصادية جاءت أفضل من التوقعات، مؤكدين أن الدولار يميل إلى التراجع عندما يتحسن أداء بقية اقتصادات العالم.

السيناريو المعاكس: قوة الاقتصاد الأميركي

في المقابل، لا تزال بعض البنوك تراهن على عودة قوة الدولار، مستندة إلى متانة الاقتصاد الأميركي. فقد أشار محللون في سيتي غروب وستاندرد تشارترد إلى أن النمو المدفوع بازدهار الذكاء الاصطناعي قد يجذب تدفقات استثمارية كبيرة إلى الولايات المتحدة، ما يدعم العملة الأميركية.

وكتب فريق سيتي غروب في توقعاته السنوية أن الدولار يملك فرصة قوية لاستعادة زخمه في 2026، خاصة بعد أن عدل الاحتياطي الفيدرالي توقعاته للنمو صعوداً، رغم استمراره في خفض الفائدة والإشارة إلى خفض إضافي محتمل.

من جانبه، أكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أن النقاش داخل البنك المركزي يتركز حالياً بين الاستمرار في خفض الفائدة أو تثبيتها، نافياً وجود توجه نحو رفعها، في ظل توازن دقيق بين تباطؤ سوق العمل واستمرار التضخم فوق المستهدف.

الدولار أعلى من قيمته العادلة

وفي مذكرة توقعات سنوية، رأى دويتشه بنك أن الدولار استفاد خلال الفترة الماضية من مرونة الاقتصاد الأميركي وارتفاع أسواق الأسهم، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن العملة الأميركية باتت أعلى من قيمتها العادلة.

وتوقع البنك أن يتراجع الدولار أمام العملات الرئيسية مع تعافي النمو في مناطق أخرى وارتفاع عوائد الأسهم خارج الولايات المتحدة، معتبراً أن تحقق هذا السيناريو سيؤكد نهاية دورة صعود طويلة واستثنائية للدولار امتدت لسنوات.