سوريا تطوي صفحة نصف قرن.. الليرة الجديدة بلا صور آل الأسد
لأكثر من نصف قرن، شكّلت الليرة السورية أكثر من مجرد وسيلة للتبادل؛ فقد كانت حاملة للهوية السياسية والرمزية للسلطة، حيث زينت أوراقها وجوه حافظ وبشار الأسد، ورافقها المواطن السوري في تفاصيل حياته اليومية، من المدرسة إلى السوق ومن الدوائر الحكومية إلى محافظ النقود.
اليوم، تُطوى هذه الصفحة للمرة الأولى منذ خمسين عامًا، مع إعلان إصدار عملة سورية جديدة خالية من صور آل الأسد، في خطوة تتجاوز الشكل النقدي لتصبح علامة رمزية على تحوّل في الوعي الجمعي والسياسي.
الهتاف الشهير للثورة السورية، "إجاك الدور يا دكتور"، الذي صدح في درعا قبل أكثر من عقد، يعود اليوم بصيغة مختلفة؛ فصورة بشار الأسد لم تعد على الورقة النقدية، ما يرمز إلى فصل الشخصية عن الاقتصاد الوطني بعد سنوات طويلة من التضخم وفقدان القيمة.
أعلن مصرف سوريا المركزي إصدار ست فئات من العملة الجديدة، خالية من الصور والرموز السياسية، ومصممة لتعكس الهوية الوطنية السورية المستمدة من التاريخ والثقافة، بعيدًا عن تقديس الأشخاص، وفقًا لتصريحات حاكم المصرف عبدالقادر الحصرية.
وقال الحصرية إن العملة الجديدة تمثل رسالة سياسية-اقتصادية عن مرحلة مختلفة، وتهدف بالأساس لإعادة الثقة المفقودة بين المواطن والعملة الوطنية، دون أن تشكل حلًا اقتصاديًا سحريًا لأزمة الليرة المستمرة منذ الحرب.
اقتصاديًا، انحدرت قيمة الليرة بشكل كبير منذ 2011، فقبل الحرب كان الدولار يعادل نحو 50 ليرة، وبلغ في ذروته 15 ألف ليرة، قبل أن يستقر حاليًا عند حوالي 11 ألفًا.
وعلى مدى السنوات الماضية، تكبد الاقتصاد السوري أضرارًا فادحة بسبب العقوبات وتراجع الصادرات وتوقف النفط وانهيار السياحة، مع تقلّص التحويلات الخارجية التي كانت شريانًا للعملة الصعبة.
تأتي الليرة الجديدة بعد حذف صفرين من قيمتها الاسمية، بحيث تعادل كل 100 ليرة قديمة ليرة واحدة جديدة، لتسهيل التعاملات النقدية اليومية، لكنها لا تعكس تحسنًا مباشرًا في القيمة الحقيقية للعملة، مع بروز بعد نفسي رمزي له تأثير كبير على المواطنين، خصوصًا الأجيال الشابة التي لم تعرف الليرة إلا عبر ذكريات وأوراق قديمة محفوظة لدى أهاليها.











