البنوك المركزية الأفريقية بين التيسير والتثبيت.. قرارات مرتقبة وسط اضطرابات عالمية

تستعد كبرى الاقتصادات الأفريقية لاتخاذ قرارات حاسمة تتعلق بالسياسة النقدية خلال الأيام والأسابيع المقبلة، مع سعيها لتحقيق توازن دقيق بين تراجع معدلات التضخم، واستمرار الاختلالات الهيكلية، وتأثير التوترات العالمية، وفي مقدمتها التهديدات التجارية المتصاعدة من قبل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
ووفقًا لأنجيليكا غوليغر، كبيرة الاقتصاديين لدى شركة "إرنست ويونغ أفريقيا"، فإن "جميع قرارات السياسة النقدية ستدور حول نقطة ارتكاز مشتركة، تتمثل في المفاضلة بين التيسير النقدي والحذر أمام مخاطر التضخم وعدم اليقين الخارجي"
توقعات متباينة عبر القارة
مصر تقود موجة التيسير
من المتوقع أن يخفض البنك المركزي المصري سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 100 نقطة أساس ليصل إلى 23%، مدفوعًا بانخفاض التضخم واستقرار الجنيه، وهو ما يوفر مساحة لخفض تكاليف الاقتراض للمرة الثالثة منذ بداية العام.
غانا.. التراجع الحاد في التضخم يمنح مساحة للمناورة
في غانا، أشارت بيانات "ستاندرد بنك" إلى أن معدل الفائدة الحقيقي هو الأعلى منذ 2005، ما يرجح خفضًا للفائدة بمقدار 100 إلى 200 نقطة أساس.
ويعزز هذا القرار فائض الحساب الجاري، وارتفاع صادرات الذهب، وصعود العملة المحلية بنسبة 50% منذ أبريل.
جنوب أفريقيا.. خفض محدود وسط حذر
رغم تراجع توقعات التضخم إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، تتوقع جينا شويمان من "سيتي غروب" أن يخفض البنك المركزي الجنوب أفريقي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط، مع توخي الحذر بسبب تهديدات الرسوم الأميركية، والتي تشمل فرض رسوم بنسبة 30% على صادرات جنوب أفريقيا اعتبارًا من أغسطس المقبل.
إسواتيني والكونغو.. فرص للخفض
انخفاض التضخم يفتح الباب أمام إسواتيني والكونغو الديمقراطية لخفض أسعار الفائدة، وقد يكون ذلك أول خفض للكونغو منذ عام 2022.
الدول المتأثرة تجاريًا تتجه للتيسير
كينيا وموزمبيق
في ظل اضطرابات محلية وركود اقتصادي، خفّضت كينيا الفائدة بمقدار 325 نقطة أساس إلى 9.75%، بينما خفّضت موزمبيق الفائدة بـ625 نقطة لتصل إلى 11%.
ليسوتو في مأزق تجاري
تعاني ليسوتو من ضغوط اقتصادية كبيرة بعد تهديدات أميركية بفرض رسوم جمركية تصل إلى 50% على وارداتها، ما تسبب في شلل قطاع النسيج.
وأعلنت الحكومة حالة كارثة بسبب البطالة وفقدان الوظائف، ما يجعل خفض الفائدة خيارًا متوقعًا.
التثبيت يهيمن على مشهد دول أخرى
نيجيريا.. التضخم ما زال مرتفعًا
رغم تباطؤ طفيف في التضخم خلال الشهرين الماضيين، يظل المعدل عند 23%. ويتوقع المحللون إبقاء سعر الفائدة عند 27.5%، وتأجيل أي خفض حتى عام 2026.
أنجولا.. الاستقرار أولوية
أنجولا مرشحة لإبقاء الفائدة دون تغيير عند 19.5% للمرة السابعة على التوالي، وسط ارتفاع في أسعار النقل العام وتأثيراته المحتملة على التضخم.
مالاوي.. الترقب سيد الموقف
بسبب شح النقد الأجنبي واستمرار ضغوط الأسعار، يُتوقع أن تُبقي مالاوي على سعر الفائدة عند 26%، دون تغيير.
تشير مجمل التوقعات إلى أن وتيرة خفض الفائدة في إفريقيا لن تكون موحدة، بل ستعكس الفروقات العميقة في الأوضاع الاقتصادية، ومستوى الاعتماد على التجارة الخارجية، وحجم التحديات المحلية. ويبدو أن السياسة النقدية ستبقى أداة رئيسية للمناورة في وجه رياح غير مستقرة، قادمة من الخارج والداخل على حد سواء.