النفط يتراجع والغاز يتقدم.. السعودية تعيد رسم خريطة الطاقة في العالم

انخفض عدد منصات حفر النفط في السعودية إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عقدين، في إشارة واضحة إلى التحول الاستراتيجي الذي تنتهجه المملكة نحو الاستثمار في الغاز الطبيعي. ووفقًا لبيانات شركة "بيكر هيوز"، بلغ عدد الحفارات العاملة في يوليو 2025 نحو 20 منصة فقط، مقارنة بـ46 منصة في أوائل عام 2024، وهو أدنى مستوى منذ فبراير 2005.
هذا الانخفاض يأتي ضمن مسار تراجعي مستمر منذ 18 شهرًا، عقب إعلان المملكة في وقت سابق عن وقف خطط زيادة الطاقة الإنتاجية لشركة أرامكو إلى 13 مليون برميل يوميًا، والإبقاء عليها عند 12 مليون برميل.
مشاريع الحقول شارفت على الانتهاء
قال روبن ميلز، مؤسس شركة "قمر للطاقة" في دبي، إن العديد من مشاريع التوسعة في الحقول النفطية أوشكت على الانتهاء، مشيرًا إلى أن أرامكو قد تُقلّص أعمال الصيانة في الحقول القديمة مثل الغوار وخريص، اعتمادًا على حلول تقنية أقل اعتمادًا على الحفر مثل استخدام الأنابيب الملفوفة والتدخل السلكي.
تسارع الاستثمار في مشاريع الغاز
وفي مقابل تراجع نشاط الحفر النفطي، تشهد السعودية نموًا ملحوظًا في عدد حفارات الغاز الطبيعي. وتُركز المملكة على زيادة إنتاج الغاز لتقليل الاعتماد المحلي على النفط في توليد الكهرباء، وتوفير ما يقرب من مليون برميل نفط خام يوميًا بحلول 2030.
وأكد أمين الناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أن أكثر من نصف إنفاق الشركة على أنشطة المنبع بات مخصصًا لمشاريع الغاز. ويبرز مشروع "الجافورة" كأحد أبرز المبادرات في هذا الاتجاه، حيث من المقرر تشغيل المرحلة الأولى بطاقة 650 مليون قدم مكعب يوميًا قبل نهاية 2025، على أن تبدأ المرحلة الثانية خلال عامين.
السعودية تدرس خيارات تصدير الغاز
تسعى المملكة أيضًا إلى الاستفادة من الطلب العالمي المتزايد على الغاز الطبيعي، وكانت قد أعلنت سابقًا نيتها تصدير الغاز على شكل أمونيا زرقاء، لكنها خفّضت هذه الخطط وتبحث الآن في بدائل تصديرية أخرى.
ورغم النمو في قطاع الغاز، فإن موردي الحفارات بدأوا يشعرون بضغط انخفاض الطلب على الحفر التقليدي. وصرّح أوليفييه لو بوش، الرئيس التنفيذي لشركة SLB للخدمات النفطية، بأن "تراجع النشاط في السعودية فاق التوقعات"، مشيرًا إلى سحب عدد كبير من الحفارات من الخدمة.
وفي يونيو، أعلنت أرامكو توقيع 23 عقدًا لحفارات غاز بقيمة 2.4 مليار دولار. ومن المتوقع الإعلان عن مجموعة جديدة من العقود في الربع الرابع من 2025، بعد أن كانت مقررة في وقت سابق من العام.
استبدال الحفر التقليدي بحلول تقنية
وأشار راهول تشودري، الباحث في "ريستاد إنرجي"، إلى أن انخفاض الطلب على الحفارات يعود أيضًا إلى التحول نحو حلول صيانة تقنية في الحقول الناضجة مثل الغوار، والتي تستبدل الحفر الجديد بعمليات تدخل أكثر كفاءة وأقل تكلفة.