السبت 13 سبتمبر 2025 01:59 مـ 20 ربيع أول 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

موضوع خطبة الجمعة.. «وكن رجلًا إن أتوا بعده يقولون: مَـرّ وهذا الأثر»

الجمعة 12 سبتمبر 2025 09:17 صـ 19 ربيع أول 1447 هـ
خطبة الجمعة
خطبة الجمعة

خصصت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم، الموافق 12 سبتمبر 2025م / 20 ربيع الأول 1447هـ، تحت عنوان: "وكن رجلًا إن أتوا بعده يقولون: مرّ وهذا الأثر"، مؤكدة أن الرسالة الأساسية للخطبة تركز على التوعية بالمسؤولية الفردية والجماعية، وأهمية الأثر الإيجابي في حياة الإنسان والمجتمع.

وأكدت الوزارة أن الخطبة تأتي في إطار مشروعها الدعوي لترسيخ القيم الأخلاقية والدينية، وتدعيم مفاهيم المواطنة والعمل الصالح. وقد جاء نص الخطبة الاسترشادية، التي تم تعميمها على المساجد، حافلاً برسائل تحث على البذل والعطاء، وترك أثر نافع يدوم حتى بعد رحيل الإنسان.

دعوة لترك أثر لا يُنسى

تبدأ الخطبة بتأكيد أن رسول الله ﷺ كان أعظم من ترك أثرًا باقياً في الدنيا، فاقترن اسمه باسم الله تعالى، وظل ذكره متصلاً بالصلاة والسلام عليه في كل زمان ومكان، مصداقًا لقوله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.

وتشير الخطبة إلى أن المسؤولية لا تقتصر على الفرد تجاه نفسه، بل تمتد لتشمل أسرته، ومجتمعه، ووطنه، ودينه. ومن هنا، فإن الاقتداء بالرسول الكريم لا يكون فقط في العبادات، وإنما في تحقيق بصمة نفع وخير وأثر دائم.

وتبرز الخطبة أهمية الكلمة الطيبة، والصدقة الجارية، وإصلاح ذات البين، وتعزيز القيم في البيوت، مشيرة إلى أن تلك الأعمال، وإن بدت بسيطة، فإنها تبني مجتمعات راقية وتبقي أثرًا لا يزول.

نموذج نسائي خالد: زبيدة بنت جعفر

وفي لفتة تاريخية مؤثرة، استحضرت الخطبة نموذج السيدة زبيدة بنت جعفر، زوجة الخليفة هارون الرشيد، التي بادرت إلى حل أزمة مياه مكة وحجاج بيت الله الحرام، فأنفقت من مالها الخاص لإنشاء "عين زبيدة"، المشروع الذي خلد اسمها عبر قرون، وجعل دعاء الملايين يرتفع لها كلما ارتوى ظمآن بمياهها.

وأكدت الخطبة أن هذا النموذج يُجسّد كيف يمكن للمرء أن يترك إرثًا نافعًا ومؤثرًا، تتوارثه الأجيال بعد رحيله.

الأسرة نواة البناء

دعت الخطبة الأسر المصرية والعربية إلى تبني مفهوم "صناعة الأثر" داخل البيوت، من خلال غرس القيم النبيلة في نفوس الأبناء، وتعليمهم أن المسلم الحق لا يعيش لنفسه فقط، بل يتحرك دائمًا في فلك خدمة الناس ونفعهم.

وركزت الخطبة على أهمية إحياء معاني العطاء، وتثبيت مفهوم "الصدقة الجارية"، سواء كانت علمًا نافعًا، أو ولدًا صالحًا، أو مشروعًا نافعًا للمجتمع، استلهامًا من الحديث الشريف: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث...".

الخطبة الثانية: الانضباط في الشارع مسؤولية أخلاقية

في الخطبة الثانية، سلطت وزارة الأوقاف الضوء على قضية الانضباط السلوكي في الشوارع والطرقات، باعتبارها من مظاهر الأثر الطيب في المجتمع، مشددة على أن الالتزام بقواعد المرور والسلوك الحضاري في الطريق هو عبادة ومسؤولية مجتمعية.

وانتقدت الخطبة بشدة مظاهر الإهمال مثل القيادة المتهورة، والسرعة الزائدة، والسير عكس الاتجاه، وتعاطي المخدرات أثناء القيادة، مؤكدة أن هذه السلوكيات لا تعكس فقط عدم احترام القانون، بل هي أيضًا خرق صريح للقيم الدينية التي تأمر بحفظ الأرواح.

وتساءلت الخطبة بلهجة توبيخية: "أترضون أن تتحول شوارعنا إلى مسرح لحوادث مروعة؟"، مذكرة بقول الله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}.

كما حذرت من إهمال الآباء في ترك أولادهم يلهون في الشوارع حتى ساعات متأخرة من الليل، معتبرة أن الشارع ليس ملعبًا ولا مكانًا آمنًا، بل مصدر تهديد محتمل لحياة الأطفال، ودعت الأسر إلى مزيد من الرقابة والحزم في تربية النشء.

الدعاء وختام الخطبة

وتختم الخطبة بالدعاء لمصر وسائر بلاد المسلمين بالأمن والاستقرار والرزق، داعية الله أن يجعل أبناء هذا الوطن من الذين يتركون في الأرض أثرًا طيبًا، يُذكرون به بعد رحيلهم، كما جاء في دعاء إبراهيم عليه السلام: {واجعل لي لسان صدق في الآخرين}.

وبذلك، تؤكد وزارة الأوقاف من خلال هذه الخطبة على أهمية بناء الإنسان، واستدامة العمل الصالح، وربط القيم الدينية بالواقع المعاش، وترسيخ مفهوم "الأثر الطيب" كهدف نبيل في حياة كل مسلم.