الكاميرون تحقق نموا اقتصاديا بمتوسط 2.9% مع ارتفاع الدين العام والعجز التجاري

أظهرت بيانات المعهد الوطني للإحصاء أن اقتصاد الكاميرون سجل ناتجا محليا إجماليا تراكميا بلغ 272 مليار دولار خلال الفترة من 2019 إلى 2024، أي ما يعادل أكثر من 161 تريليون فرنك إفريقي، وارتفع الناتج المحلي من 39.7 مليار دولار عام 2019 إلى 53.3 مليار دولار عام 2024، محققا متوسط نمو سنوي قدره 2.9% على الرغم من صدمات الجائحة والحرب في أوكرانيا وتقلّبات أسعار السلع الأولية.
وتشير البيانات الى أن القطاع الزراعي يشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد، إذ أسهم خلال السنوات الست الماضية بنحو 26.8 مليار دولار من القيمة المضافة، وبرز الكاكاو كأحد أهم مصادر الدعم بعد ارتفاع أسعاره بنسبة 123% عام 2024؛ ما ساعد في تعويض تراجع نشاط الغابات بنسبة 0.5%، كما سجلت تربية الماشية نموا بنسبة 4.8% ومصايد الأسماك 1.7%، ما وفر دعما للأمن الغذائي والدخل الريفي.
أما قطاع الخدمات، فقد ارتفع ليشكل 55% من الناتج المحلي، وحقق نموا نسبته 4.2% في 2024، بفضل توسع الاتصالات (+8.2%) والخدمات المالية (+9.6%) والإدارة العامة (+5.6%).. غير أن هذه الديناميكية ما زالت تعتمد بصورة أساسية على الاستهلاك والخدمات غير الرسمية، وهو ما يحد من ترسيخ قاعدة إنتاجية قوية.
وفي المقابل، واجه القطاع الصناعي صعوبات في دفع مسار التصنيع، إذ لم يتجاوز نموه 1.7% عام 2024، بينما تراجع إنتاج النفط والغاز بنسبة 9.7%؛ ما يعكس هشاشة الاعتماد على الهيدروكربونات، وعلى الرغم من تسجيل الصناعات الغذائية (+4.2%) وقطاع البناء (+4.3%) أداءً أفضل، إلا أن مساهمتهما ظلت محدودة مقارنة بتراجع قطاع الاستخراج.
وعلى مستوى التجارة الخارجية، واصل العجز التجاري الضغط على النمو، حيث أسهم صافي الصادرات سلبا في معدل النمو (-0.2 نقطة مئوية) رغم تجاوز صادرات الكاكاو حاجز التريليون فرنك إفريقي، ولا يزال الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية والطاقة يشير الى هشاشة الاقتصاد أمام تقلبات الأسعار العالمية.
وبحسب مكتب إدارة الدين العام، ارتفعت المديونية الحكومية إلى 54% من الناتج المحلي، فيما تراجع الاستثمار الخاص بشكل حاد إلى 0.4% عام 2024 مقارنة بـ9.7% في 2023، مما يثير تساؤلات حول قدرة الاقتصاد على جذب رؤوس الأموال الضرورية لتحقيق الطموحات التنموية.
ورغم صمود الكاميرون في مواجهة الصدمات العالمية، فإن الأداء جاء دون أهداف إستراتيجية التنمية الوطنية 2020–2030 (SND30) التي كانت تستهدف معدل نمو سنوي قدره 8%.
وتشير المؤشرات الحالية إلى أن البلاد بحاجة إلى إصلاحات هيكلية عميقة لإعادة التوازن بين الزراعة والخدمات والصناعة، وتحويل هذه القطاعات إلى محركات لنمو شامل ومستدام قادر على تقليص العجز التجاري واحتواء المديونية.