منظمة العمل الدولية: 155 ألف عامل فلسطيني فقدوا وظائفهم و3 مليارات دولار خسائر في الأجور

كشف التقرير السنوي لمنظمة العمل الدولية، المقرر عرضه خلال الدورة 113 من مؤتمر العمل الدولي في جنيف (2 – 13 يونيو 2025)، عن واقع غير مسبوق من التدهور في سوق العمل بالأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل، وذلك في أعقاب الحرب التي اندلعت في أكتوبر 2023، والتي خلفت خسائر بشرية واقتصادية فادحة.
خسائر فادحة في الوظائف والأجور:
أوضح التقرير أن نحو 155 ألف عامل فلسطيني في الضفة الغربية فقدوا وظائفهم، من بينهم 140 ألفاً كانوا يعملون داخل إسرائيل والمستوطنات، ما تسبب في خسائر سنوية تُقدّر بـ3 مليارات دولار في الأجور. كما أدى تقييد حرية الحركة وفرض تصاريح العمل إلى انتهاكات جسيمة لحقوق العمال الفلسطينيين، منها العمل بدون تصاريح، وغياب الحماية القانونية، والتمييز في الأجور.
مخاطر يومية بحثًا عن لقمة العيش:
وثّق التقرير معاناة الآلاف ممن يضطرون لعبور الجدار الفاصل بطرق غير شرعية، معرضين حياتهم للخطر بحثاً عن فرص عمل، في ظل غياب بدائل اقتصادية فعّالة داخل الأراضي الفلسطينية.
خسائر اقتصادية وإجراءات عقابية:
قدّر التقرير إجمالي الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب بأكثر من 53 مليار دولار، وفقًا لتقديرات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، خلال أول عشر سنوات من إعادة الإعمار. كما أشار إلى أن الإيرادات الضريبية للسلطة الفلسطينية تراجعت بنسبة 19%، وأن إسرائيل اقتطعت نحو 3 مليارات شيكل من إيرادات التخليص الجمركي، مما أدى إلى تقليص رواتب موظفي القطاع العام بنسبة تراوحت بين 60% و70%.
العمال السوريون في الجولان المحتل:
خصص التقرير فصلاً للحديث عن أوضاع العمال في الجولان السوري المحتل، مشيراً إلى أنهم يواجهون تهميشاً اقتصادياً شديداً وانعداماً لخدمات الحماية الاجتماعية والتدريب المهني، مع غياب شبه تام لفرص العمل الرسمية، ضمن سياسات الاحتلال الهادفة إلى طمس الهوية السورية للمنطقة.
رفض دولي لإعادة توطين الفلسطينيين:
أكد التقرير رفض السلطة الفلسطينية والقادة الإقليميين والدوليين لـ أي مقترحات لإعادة توطين الفلسطينيين من غزة، مشدداً على تمسّكهم بـ حل الدولتين كمخرج سياسي للنزاع، وتطبيق مبادرة السلام العربية لعام 2002. كما أشار إلى البيان الختامي للقمة العربية الطارئة في مارس 2025 بمصر، وإعلان البحرين في مايو 2024، واللذين جددا التأكيد على أن غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية، ورفضهما لأي محاولات للتهجير القسري.
خطة مصرية لإعادة إعمار غزة:
استعرض التقرير الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، والتي تم اعتمادها خلال القمة العربية. وتتضمن الخطة مرحلتين لإعادة البناء على مدى خمس سنوات ونصف، مع توقعات بخلق أكثر من 200 ألف فرصة عمل في قطاعات البناء والبنية التحتية. وتنص الخطة على:
تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة غزة خلال الأشهر الستة الأولى.
انتقال الحكم إلى السلطة الفلسطينية لاحقاً.
وجود بعثة دولية لحفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة.
وقد حصلت الخطة على دعم الأمين العام للأمم المتحدة.
توصيات منظمة العمل الدولية:
دعت المنظمة إلى إنشاء صندوق دولي لدعم التشغيل والإعمار في فلسطين، يتكامل مع برامج التعليم الفني، ويدمج الاقتصاد الفلسطيني بالأسواق الإقليمية. وأوصت بـ:
تفعيل برامج تشغيل طارئة.
تمكين النقابات وتعزيز الحوار الاجتماعي.
دعم ريادة الأعمال الصغيرة، لا سيما بين النساء والشباب.
دمج حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في سياسات التشغيل ما بعد الحرب.
وأكدت المنظمة في ختام التقرير أن أي خطة لإعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني لن تنجح دون حل سياسي عادل ومستدام، مشيرة إلى أن الاحتلال الإسرائيلي وسياسات الحصار تظل العقبة الأساسية أمام التنمية.
تطورات دولية متعلقة بفلسطين داخل منظمة العمل:
أبرز التقرير اعتماد مجلس إدارة منظمة العمل الدولية القرار رقم 352 في نوفمبر 2024، والذي يقضي بتحويل صفة فلسطين داخل المنظمة من "حركة تحرر وطني" إلى "دولة مراقبة". ومن المتوقع اعتماد القرار رسميًا خلال مؤتمر يونيو 2025، ما سيسمح لفلسطين بالمشاركة الكاملة في جميع هياكل المنظمة.
ومن المقرر أن تشارك فلسطين لأول مرة بوفد ثلاثي رسمي يمثل الحكومة والعمال وأرباب العمل، على غرار الدول الأعضاء، في خطوة حظيت بترحيب واسع من غالبية الدول الأعضاء، باستثناء إسرائيل التي اعترضت.
وصرّح شاهر سعد، الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، أن هذه الخطوة تعزز قدرة فلسطين على الدفاع عن حقوق عمالها في المحافل الدولية.