الخميس 21 أغسطس 2025 01:25 صـ 25 صفر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

الرسوم الأمريكية تربك أسواق القهوة.. مزاج العالم في مهبّ السياسة

الأحد 17 أغسطس 2025 09:24 صـ 22 صفر 1447 هـ
أسواق القهوة
أسواق القهوة

تعيش أسواق القهوة العالمية توتراً غير مسبوق بعد قرار الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات القهوة من البرازيل، وهو ما يهدد بإعادة تشكيل خريطة تجارة واحدة من أكثر السلع الزراعية تداولاً في العالم.

القرار الأمريكي الذي يستهدف بشكل رئيسي بن الأرابيكا الفاخر، يضع المنتجين والمستهلكين على حد سواء أمام مرحلة جديدة من التقلبات السعرية والاضطرابات التجارية.

البرازيل على رأس قائمة المصدرين

تُعد البرازيل اللاعب الأكبر في سوق البن العالمية، إذ صدّرت أكثر من 44 مليون كيس (60 كغ للكيس) خلال موسم 2024/2025، ما يمثل حوالي 30% من إجمالي الصادرات. ومن المتوقع أن تتراجع صادراتها إلى 41.7 مليون كيس في الموسم المقبل.

تليها فيتنام بـ25.8 مليون كيس (17.5%) مع توقعات بارتفاعها إلى 27.9 مليون، ثم كولومبيا بـ12.3 مليون كيس (8.3%).

كما برزت إثيوبيا بـ7 ملايين كيس (4.7%) وإندونيسيا بـ7.25 مليون، وأوغندا بـ6.35 مليون، فيما جاءت الهند والاتحاد الأوروبي بحصص أقل.

وعلى صعيد الإنتاج، تُهيمن البرازيل أيضاً بنسبة 37% من الإنتاج العالمي، بإجمالي 64.7 مليون كيس، تليها فيتنام (29 مليون كيس – 17%)، وكولومبيا (13.2 مليون – 8%)، بينما تنتج إندونيسيا وإثيوبيا نحو 6% لكل منهما.

تداعيات القرار الأمريكي

الرسوم الأمريكية الأخيرة لا تقتصر على بعدها التجاري، إذ ارتبطت بخلافات سياسية بين واشنطن وبرازيليا، حيث بررت إدارة الرئيس دونالد ترامب القرار باتهامات للحكومة البرازيلية بالتضييق على الحريات. وبذلك أصبحت القهوة ورقة ضغط سياسية، وهو ما جعلها "ضحية جانبية" لصراع أوسع.

الولايات المتحدة، التي تستورد 99% من استهلاكها من القهوة، اعتمدت على البرازيل لتأمين نحو ثلث احتياجاتها (8.1 ملايين كيس في 2024). لكن الرسوم المرتفعة أفقدت البن البرازيلي تنافسيته هناك، ما يدفعه للتوجه نحو أسواق بديلة مثل الصين والاتحاد الأوروبي.

إعادة رسم خريطة التجارة

مع القيود الجديدة، يسعى بعض التجار للالتفاف على الرسوم عبر إعادة تصدير البن البرازيلي من دول وسيطة مثل المكسيك وبنما، ما قد يقلص تأثيرها إلى حدود 1015% رغم تكاليف الشحن الإضافية.

في المقابل، تتحرك شركات القهوة الأمريكية نحو أسواق بديلة في أمريكا الوسطى وأفريقيا، الأمر الذي سيزيد المنافسة على الموارد المتاحة ويرفع الأسعار.

وتبرز فيتنام كأكبر المستفيدين برسوم أقل (20%)، إضافة إلى كولومبيا وهندوراس وإثيوبيا.

ارتباك في الأسواق العالمية

أدى القرار إلى قفزة فورية في أسعار العقود الآجلة للبن بنسبة 8% خلال أسبوع، بينما ارتفعت عقود أرابيكا إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أسابيع.

ويعني ذلك أن المستهلك الأمريكي سيدفع ثمناً أعلى لفنجان القهوة اليومي، وسط تحذيرات من تغذية التضخم.

شركات كبرى مثل ستاربكس ونستله بدأت في إعادة هيكلة سلاسل توريدها. فبينما أكدت "ستاربكس" أنها ستبقي الأسعار مستقرة مؤقتاً، لم تستبعد زيادات لاحقة. أما "نستله"، فاعتمدت على مصانعها في المكسيك لتأمين بدائل أرخص بلا رسوم جمركية.

التأثير على الشرق الأوسط

رغم أن الرسوم تستهدف السوق الأمريكية، فإن ترابط الأسواق العالمية ينعكس مباشرة على المنطقة. فالشرق الأوسط، الذي يشهد طفرة في المقاهي الحديثة ونمواً تجاوز 11% في 2024، سيتأثر بارتفاع الأسعار في البورصات الدولية.

الإمارات مثلاً واصلت توسع سوقها رغم ارتفاع الأسعار، مستفيدة من القدرة الشرائية المرتفعة، لكن المستهلكين المنزليين قد يتجهون إلى بدائل أرخص أو خلطات تحتوي على نسب أعلى من روبوستا.

الأرابيكا الخاسر الأكبر

يبقى بن الأرابيكا الفاخر، الذي يمثل 6070% من إنتاج العالم ويعتمد عليه كبار اللاعبين مثل "ستاربكس"، الأكثر تضرراً من الرسوم الأميركية. أما روبوستا، الأرخص والأعلى بالكافيين، فقد يشهد زيادة في الطلب كخيار بديل، بينما تظل أنواع مثل ليبيريكا بعيدة عن دائرة التأثير.