الخميس 21 أغسطس 2025 02:50 صـ 25 صفر 1447 هـ
بوابة بالعربي الإخبارية
المحرر العام محمد رجب سلامة
×

سياسات نقدية آسيوية متباينة.. وانعكاساتها على الاقتصادات العربية في 2025

الثلاثاء 19 أغسطس 2025 10:11 صـ 24 صفر 1447 هـ
السياسات النقدية في آسيا
السياسات النقدية في آسيا

تشهد السياسات النقدية في آسيا خلال عام 2025 مسارات متباينة بين التيسير والتشديد، في وقت تبحث فيه الاقتصادات الكبرى عن التوازن بين دعم النمو وكبح التضخم.

ورغم استمرار الفائدة الأمريكية كمحرك أساسي لقرارات البنوك المركزية العربية، فإن تأثير الفائدة الآسيوية بدأ يزداد وضوحاً عبر قنوات التجارة والطاقة والاستثمار.

صورة المشهد النقدي في آسيا

تسير الاقتصادات الآسيوية الكبرى على خطى مختلفة:

  • الصين تبقي سعر الفائدة الأساسي للقرض لعام واحد عند 3.00%، لكنها تضخ سيولة قصيرة الأجل بشكل انتقائي لدعم قطاعات مثل العقارات والصناعة. الهدف هو تحفيز النمو مع تجنب ضغوط على سعر صرف اليوان.

  • الهند خفضت الفائدة إلى 5.50% وخفّضت نسبة الاحتياطي الإلزامي، لكنها تبنت لاحقاً موقفاً أكثر حياداً تحسباً لضغوط التضخم المستورد وتأثير الرسوم الأميركية.

  • اليابان تواصل الإبقاء على الفائدة منخفضة عند 0.5%، لكنها رفعت توقعاتها للتضخم إلى 2.7%، ما يفتح الباب أمام رفع تدريجي للفائدة إذا اتسعت الضغوط السعرية.

  • كوريا الجنوبية تتبنى نهجاً حذراً، حيث ثبتت الفائدة عند 2.50% مع مراقبة أوضاع الديون وتراجع الصادرات، مع احتمال خفض محدود إذا استمر ضعف الطلب.

أما في جنوب شرق آسيا، فقد اختارت دول مثل إندونيسيا وماليزيا مساراً واضحاً للتيسير، بخفض متكرر للفائدة استجابة لتراجع التضخم وضعف النمو.

النتيجة: آسيا منقسمة بين اقتصادات كبرى تتحرك بحذر (الصين واليابان) وأخرى تندفع نحو التيسير (إندونيسيا وماليزيا).

كيف يطال الأثر الاقتصادات العربية؟

رغم أولوية الفائدة الأمريكية، إلا أن تأثير آسيا يتسلل تدريجياً إلى المنطقة:

  • الصين: أي خفض للفائدة ينعكس بزيادة الطلب على الطاقة، ما يدعم صادرات الخليج النفطية والبتروكيماوية.

  • الهند: انخفاض الفائدة يرفع الاستهلاك المحلي ويقلل اعتماد العائلات على تحويلات المغتربين في الخليج، ما يزيد إنفاق العمالة داخل الأسواق العربية.

  • اليابان: سياستها النقدية فائقة التيسير تدفع المستثمرين اليابانيين للبحث عن عوائد أعلى في أدوات الدين العربية، خاصة في السعودية ومصر.

  • كوريا الجنوبية: سياساتها النقدية ترتبط باحتياجاتها من الطاقة واستثمارات صناديقها السيادية في الخليج.

كما تتهيأ إندونيسيا وفيتنام لتعزيز حضورها التجاري والمالي في المنطقة خلال السنوات المقبلة.

الرابحون والخاسرون عربياً

  • الرابحون: دول الخليج المصدّرة للطاقة، والحكومات القادرة على الاستفادة من التمويل الرخيص لجذب استثمارات وبناء البنية التحتية.

  • الخاسرون: الدول ذات العجز التجاري المرتفع مثل مصر وتونس والمغرب، التي قد تواجه ضغوطاً تضخمية نتيجة تقلب أسعار الواردات الآسيوية أو تراجع التدفقات الاستثمارية إليها.

مقارنة بين الفائدة الأمريكية والآسيوية

  • الأمريكية: التأثير مباشر وسريع بحكم ارتباط العملات الخليجية بالدولار. أي تغيير في سياسة الفيدرالي ينعكس فوراً على كلفة التمويل وأسواق الدين والاستثمار.

  • الآسيوية: التأثير غير مباشر لكنه يتنامى، خصوصاً عبر أسعار الطاقة، كلفة الاستيراد، وتدفقات الاستثمار في إطار مبادرات مثل "الحزام والطريق".

التوقعات حتى نهاية 2025

  • الصين: مرشحة لخفض إضافي (20–30 نقطة أساس) لدعم العقارات والصناعة.

  • الهند: تميل للإبقاء على الفائدة، مع خفض محدود محتمل إذا تباطأ التضخم.

  • اليابان: قد ترفع الفائدة تدريجياً إلى 0.75% أو 1.00%.

  • كوريا الجنوبية: خفض محدود إضافي محتمل في حال استمرار ضعف الصادرات.

المواطن العربي.. تأثيرات يومية غير مرئية

قد لا يشعر المواطن العربي بقرارات بنك الشعب الصيني أو بنك اليابان، لكنها تظهر في حياته اليومية:

  • انخفاض الفائدة في آسيا يخفض أسعار الإلكترونيات والملابس المستوردة.

  • رفع الفائدة يرفع كلفة الإنتاج الآسيوي، ما يزيد أسعار السلع النهائية في الأسواق العربية.

  • تقلب الفائدة ينعكس أيضاً على أسعار السياحة والسفر، حيث تصبح آسيا أرخص في فترات التيسير النقدي.

  • تدفقات رؤوس الأموال نحو آسيا قد تعني سيولة أقل في بورصات وأسواق ناشئة عربية مثل مصر والمغرب.

السياسات النقدية الآسيوية أصبحت رقماً مهماً في المعادلة الاقتصادية العربية، حتى وإن ظل الفيدرالي الأميركي اللاعب الأكبر.

الرابحون هم المصدرون للنفط والطاقة، والخاسرون هم المستوردون المعتمدون على السلع الآسيوية.

ومع اتساع الروابط التجارية والاستثمارية بين المنطقتين، سيصبح رصد قرارات البنوك المركزية الآسيوية ضرورة لصناع القرار العرب والمستثمرين على حد سواء.